بلا شك أنهم سيقعون على الأرض ويتمرغون في أدناسها، ويتصارعون على ما فيها من دنايا .. وهذا ما حدث معنا عندما تركنا القرآن - حبل الله المتين - فوقعنا على الأرض، وتمرغنا في شهواتها، وأصبحت الدنيا هي أكبر همنا، ومبلغ علمنا، فاشتد الصراع بيننا وتفتت وحدتنا، وصار بأسنا بيننا شديدا، فتكالب علينا أعدائنا كما تتكالب الأكلة قصعتها، وأصبحنا أذل أهل الأرض .. تحت أقدام الكفار لا اعتبار لنا، ولا قيمة لوجودنا، بل إن اليهود الذين كتب الله عليهم الذلة والمسكنة باتوا يتفننون في إذلالنا، وهدم بيوتنا، وانتهاك حرماتنا:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران/١٦٥].
[ضرورة العودة إلى القرآن]
من هنا يتضح لنا أن نقطة البداية التي ينبغي أن نبدأ بها ليتم التغيير الداخلي المنشود، هي العودة إلى القرآن.
ولسنا نعني بتلك العودة تخريج اكبر عدد ممكن من حفاظ حروفه.
ولسنا نعني بالعودة قراءته فقط، أو تعليق آياته على الجدران، أو افتتاح الحفلات به.
بل نعني بالعودة: الدخول إلى دائرة تأثره، والتعرض الحقيقي لمعجزاته، وتشغيل مصنعه وماكيناته، ليتم من خلاله التغيير المنشود، فنكون من بعده عبيدا لله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا. فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء/١٧٤، ١٧٥].