وفي قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يؤكد هذا المعنى، فعندما ضرب أخته فاطمة وسال الدم على وجهها، رق قلبه واستُثيرت مشاعره، فلما استمع إلى القرآن وهو بهذه الحالة الشعورية انجذب القلب له ودخل نوره إليه بإذن الله.
وهذا ما نريده، أن نستثمر أوقات التأثر التي نمر بها في يومنا، فنهرع حال وجودها إلى القرآن فنقرؤه، ونعيش معه بعقولنا ومشاعرنا، فيمتزج الفكر بالعاطفة، ويزداد القلب خشوعا وإيمانا.
في حالة عدم وجود مثل هذه الأوقات في اليوم، علينا أن نعمل على استثارة مشاعرنا قبل التلاوة، بالتفكير في الموت وسكراته وأحداث يوم القيامة، أو بالقراءة في كتاب من كتب الرقائق، أو الاستماع إلى موعظة ترقق القلب وتؤهله لاستقبال القرآن.
وهناك الكثير من الآيات التي تؤكد على أن الانتفاع الحقيقي بالقرآن يستلزم وجود قلب خائف يستقبله، قال تعالى: {طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه/١ - ٣].
نعم، هذه الوسيلة ستحتاج منا إلى مجهود، وبخاصة في البداية، ولكن بمرور الوقت وبدء عملية التغيير، ومع الزيادة المستمرة للإيمان في القلب والتي سيحدثها القرآن بمشية الله ستصبح المشاعر مؤهلة للاستثارة والتجاوب والانفعال بمجرد التلاوة وحدها دون الحاجة للتأهيل قبلها.
[ثالثا: سلامة النطق والقراءة الهادئة]
فمع الانشغال بالقرآن والمداومة على القراءة اليومية له، وتهيئة الجو المناسب للقائه يأتي الحديث عن الكيفية التي سنقرؤه بها في هذا الوقت الذي خصصناه له.
هذه الكيفية يسهل علينا تصورها إذا وضح أمامنا الهدف الذي نسعى إليه من لقائنا بالقرآن.