كلما ازدادت معرفة الواحد منا بشخص ما تغيرت معاملته له، فعلى قدر المعرفة تكون المعاملة، وهذا أمر نلمسه جميعا من خلال علاقاتنا مع الآخرين، واختلافها من شخص لآخر .. فإذا ما طبقنا هذه القاعدة على علاقتنا بالله عز وجل، نجد أن اختلاف تعامل الناس معه سبحانه ناتج من اختلاف معرفتهم به.
من هنا تبرز أهمية معرفة الله عز وجل معرفة صحيحة وعميقة لتتغير معاملاتنا له وتتجه في الاتجاه الصحيح، فخشية الله - وهي صورة من صور المعاملة معه سبحانه - ثمرة من ثمرات العلم به:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر/٢٨].
إذن فلكي نخلص أعمالنا لله كصورة من صور تعاملنا معه، فإن هذا يستلزم منا معرفته - سبحانه وتعالى - وبخاصة في جوانب معينة .. منها:
التعرف على الله القوي، الجبار لتورث هذه المعرفة خوفا وخشية منه، تدفع لصدق التوجه إليه، كما قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان/٨، ٩]، ما الذي دفعهم لذلك:{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}[الإنسان/١٠].
التعرف على الله القريب، السميع، الشهيد، البصير لتورث هذه المعرفة في القلب حياء منه سبحانه، مما يدفع صاحبه إلى الإخلاص أكثر وأكثر.
معرفة الله الغني الحميد وأنه لا يحتاج إلى أعمالنا، وأن حجم ما نقوم به من طاعات لا يساوي شيئا بجوار تسبيح الكون المتواصل لله عز وجل .. فيؤدي ذلك إلى استصغار واستقلال أعمالنا، فنؤدي الطاعة ونستغفر الله بعدها كقوله تعالى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ... }[البقرة/١٩٩].