إذن فالمربي الناجح هو الذي يبذل جهدا كبيرا في بداية عمله مع من معه في توجيههم لمنابع الإيمان - والتي يقف على رأسها القرآن - ويتأكد من ورودهم لها ونهلهم منها، وظهور آثار زيادة الإيمان عليهم .. فإن تم ذلك أصبحت مهمته سهلة، ويسيرة في التوجيه، وضبط الفهم، وتنظيم الحركة، فعندما توقد شعلة الإيمان في القلب وتستمر في النمو والزيادة فإن هذا من شأنه أن يجعل الفرد في حالة دائمة من الانتباه، والتذكر بما ينبغي عليه أن يفعله، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإيمان الحي في القلب يولد طاقة وقوة دافعة داخل الفرد تدفعه للقيام بأعمال البر، وما يريده الله، بكل سهولة ويسر.
فإن كان على الفرد أن يتجه قلبه لله، وأن يتخلق بأخلاق المؤمنين، وأن يكتسب مهارة تعينه على القيام بدوره في الحياة، فالطريقة السهلة لذلك هو حُسن عودته للقرآن، ووروده منابع الإيمان المختلفة لتصبح هذه الأمور بمثابة ثمار طبيعية لحياة القلب وتمكن الإيمان منه كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم/٢٤: ٢٥]}.
فالإيمان هو الشجرة الطيبة التي تؤتي ثمارها في كل وقت، وكل اتجاه .. فعلى سبيل المثال: التخلق بصفات المؤمنين من صدق، ووفاء، وثبات، وتضحية في سبيل الله، وورع، وكف للأذى، وإحسان، وترك للآثام ... .
كل هذه الأخلاق وغيرها ثمار طبيعية للإيمان الحي في القلب، وعلى قدر قوته يكون اكتمالها، كما قال صلى الله عليه وسلم:" أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا ".