وعندما قال صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة رضي الله عنهما:" ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين " قال علي: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.
ففي هذه المواقف رأينا التوجيه النبوي للأفراد، ورأينا تصميمهم على تنفيذه طيلة حياتهم دون أن تكون هناك متابعة لصيقة ومستمرة على ذلك.
بل إنه قد قيل له صلى الله عليه وسلم بأن فلانا يقوم الليل فإذا أصبح سرق، فقال عليه الصلاة والسلام:" ستنهاه صلاته ".
من هان يتضح لنا أن أفضل ضامن يضمن تنفيذ التكاليف والتوجيهات هو الإيمان الذي ينبغي أن يملأ قلب الفرد، وهذا هو دور القرآن الذي يُعد بمثابة نبع متجدد للإيمان كما قال الله تعالى:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}[آل عمران/١٩٣].
قال محمد بن كعب القرظي: إن المنادي هو القرآن فليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
[المتابعة بين الإفراط والتفريط]
ليس معنى القول بأن الإيمان هو الضامن لتنفيذ التوجيهات والتكاليف أن يترك المربي تعاهد من معه، فلا يتعرف على المستوى الذي وصلوا إليه، أو المشاكل والعقبات التي تواجههم فيختزل دوره في حيز التوجيه العام فقط .. ليس هذا هو المقصد مما قيل في الأسطر السابقة عن مفهوم المتابعة، بل المقصد أن تكون المتابعة وسيلة للوصول إلى أحسن النتائج مع ترك مساحة للأفراد يتحركون من خلالها في الإطار العام الذي يحدده لهم المربي.