للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجيب عن هذا التساؤل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بقوله: يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها، وقرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة/١٠٥]، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه " (١).

إن الأمة الإسلامية أمة واحدة، يشكل مجموع المسلمين جسدها، فإذا حدث لعضو في هذا الجسد مكروه، فعلى الجميع أن يعملوا على عودته لصحته مرة أخرى.

إذن فكون البعض منا صالحا في نفسه، مبتعدا عما يغضب ربه، فهذا لا يعفيه من مسئوليته عن الأمة وما يحدث لها ... عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويبذل غاية جهده في إصلاح الفساد، وإقامة المشروع الإسلامي، فإن لم يفعل ذلك دخل في عموم المعاقبين عقابا جماعيا كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال/٢٥]. يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيره لهذه الآية: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب، وقال الضحاك عن الفتنة المذكورة في الآية: إنها تصيب الظالم والصالح عامة (٢).


(١) أخرجه: وأبو داود (٤/ ١٢٢، رقم ٤٣٣٨)، والنسائي في الكبرى (٦/ ٣٣٨، رقم ١١١٥٧) والترمذي (٤/ ٤٦٧، رقم ٢١٦٨)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (٢/ ١٣٢٧، رقم ٤٠٠٥)، والبيهقي (١٠/ ٩١، رقم ١٩٩٧٦)، والعدني، والحميدي عن أبى بكر رضي الله عنه، قال المناوي: بإسناد جيد).
(٢) الدر المنثور للسيوطي (٣/ ٣٢٢)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.

<<  <   >  >>