الفعل الجبلي إن كان جبليا محضا فمباح، وأما إن كان له صلة بالعبادة فالقول بالندب فيه متجه.
قال ابن مفلح في "أصوله"(١/ ٣٢٨): (ما كان من أفعاله - عليه السلام - من مقتضى طبع الإنسان وجبلته - كقيام وقعود - فمباح له ولنا اتفاقا).
قال الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول"(١/ ٢٢٠) ما ملخصه: (الفعل الذي له علاقة بالعبادة. وهو ما وقع في أثناء العبادة، أو في وسيلتها، أو قبلها قريبا منها، أو بعدها كذلك.
فمما وقع في أثناء العبادة نزوله - صلى الله عليه وسلم - بالمحصب ليلة النفر، وقبض الأصابع الثلاث في التشهد، ووضعها على الأرض مضمومة في السجود، وجلسة الاستراحة بعد الركعة الأولى وبعد الثالثة، والتطيب للإحلال من الإحرام، واتكاؤه - صلى الله عليه وسلم - أثناء الخطبة على قوس أو عصا، ولبس النعلين في الصلاة، يحتمل أنه فعله لكونه من سنة الصلاة، ويحتمل أنه فعله على سبيل الجواز فقط، كما يلبس في الصلاة قطنا أو صوفا أو غير ذلك.
ومما وقع في وسيلة العبادة دخوله مكة من طريق كُدَيّ، وخروجه من طريق كَدَاء ودخوله المسجد الحرام من باب بني شيبة، وطوافه - صلى الله عليه وسلم - بالبيت راكبا على بعير، وكذلك في السعي بين الصفا والمروة، ووقوفه في الموقف بعرفات على بعير، وعودته - صلى الله عليه وسلم - من صلاة العيد من طريق غير طريق الذهاب، وذهابه إلى العيد ورجوعه منه ماشيا، ووقوع صلاته في السفر في مواضع معينة.
ومما وقع قبل العبادة قريباً منها: اضطجاعه - صلى الله عليه وسلم - قبل صلاة الفجر بعد أن يصلي النافلة.
ومما وقع بعد انتهاء العبادة انصرافه - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة عن يمينه أو عن يساره.
فهذا القسم الثاني وهو ما له صلة بالعبادة، بأنواعه الأربعة أعلى من القسم الذي قبله، والقول بالندب فيه أظهر من القسم الأول، وهو ما لا صلة له بالعبادة. فإذا انضم إلى صلته بالعبادة عنصر التكرار والمواظبة عليه قوي القول بالندب فيه).
الفعل العادي:
قال الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول"(١/ ٢٣٧) ما ملخصه: (نقصد بالفعل (العادي) في هذا المبحث ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - جريا على عادة قومه ومألوفهم، مما