للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدل (١) دليل على ارتباطه بالشرع، كبعض الأمور التي تتصل بالعناية بالبدن، أو العوائد الجارية ببن الأقوام في المناسبات الحيوية، كالزواج والولادة والوفاة.

ومن أمثلتها أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس المِرْط المُرَحّل، والمخَطط، والجبّة، والعمامة، والقباء. وأطال شعره، واستعمل القرب الجلدية في خزن الماء، وكان يكتحل، ويستعمل الطيب والعطور.

وحكم هذه الأمور العادية وأمثالها، كنظائرها من الأفعال الجبلية، والأصل فيها جميعا أنها تدل على الإباحة لا غير، إلا في حالين:

ا- أن يرد قول يأمر بها أو يرغب فيها، فيظهر أنها حينئذ تكون شرعية.

٢ - أن يظهر ارتباطها بالشرع بقرينة غير قولية، كتوجيه الميت في قبره إلى القبلة، فإن ارتباط ذلك بالشرع لا خفاء به).

الفعل الخاص به - صلى الله عليه وسلم -:

المقصود بالخصائص النبوية هنا ما كان حكماً شرعيا لفعل من أفعاله - صلى الله عليه وسلم -، في هذه الدنيا، مما ينفرد به عن أمته، سواء شاركه فيه غيره من الأنبياء، أو لم يشاركه فيه منهم أحد.

قال ابن مفلح في "أصوله" (١/ ٣٢٨): (وما اختص به كتخييره نساءه بينه وبين الدنيا، وزياد ته منهن على أربع، ووصاله الصوم- فمختص به اتفاقًا).

الفعل التعبدي:

قال الشيخ العثيمين - رحمه الله - في "شرح الأصول" (ص/٤٤٣): (وهذا يشتبه كثيرًا بالثاني والأول، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد يفعل فعلاً فيشتبه على الإنسان، هل فعله تعبدًا أو فعله من أجل العادة أو فعله بمقتضى الجبلة فلا بد من تمييز فيقال: ما ظهر فيه ملائمته للنفس فهو جِبِلَّة، وما ظهر منه موافقة للعادة بحيث يقدر الذِّهْنُ أن الناس لو كانوا لا يفعلون هذا ما فعله، أو لو كانوا يفعلون شيئًا آخر لفعله حكمنا بأنه عادة، وما ظهر فيه قصد التعبد بحيث لا يكون ملائمًا لمقتضى الجبِلَّة، ولا موافقًا للعادة فالظاهر أنه إنما فعله على سبيلِ التعبد، ولكن لو بقي الأَمر عليك مشكلاً فهل تقول الأصل أن ما فعله فهو عبادة أو تقول: الأصل المنع حتى يقوم دليل على قصد التعبد؛ لأن العبادة لا تشرع إلا بدليل


(١) وكذا بالأصل، والصواب والموافق للسياق: (مما لا يدل).

<<  <   >  >>