للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإصلاحية التي قامت بها جمعية العلماء في البلاد، وإذا بي أجد، يوماً في جريدة جمعية العلماء ((البصائر)) رداً من قلم أحد أعضائها المتكلمين باسمها، يرد علي كأن كتابي المذكور لم يكن همه إلا الكلام في هذه الجمعية بما يشوه سمعتها (١).

وذلك لأنني هممت في هذا الكتاب، بعد أن بينت فضل الحركة الإصلاحية في بلادنا، هممت أن أبين جوانب الضعف فيها، بالخصوص على أثر ((ورطتها في الوحل السياسي سنة ١٩٣٦)).

وكانت دهشتي تزيد عنفاً، عندما أتصور موقف هذا المفتش في جمعية العلماء. موقف من كان يعيش حياته بكل هدوء وطمأنينة، في الأيام التي كنت أعيش فيها بباريس، وأحمل بها وحدي لواء الإِصلاح في وجه العواصف والأعاصير التي يثيرها الاستعمار على خصومه!. حتى جاء اليوم الذي بلغ فيه السيل الزبى، في نظر المستعمرين، اليوم الذي رشحت فيه اسم ابن باديس لرئاسة الشرف لجمعية الطلبة المسلمين الجزائريين (٢).

فليطمئن ((شباب حزب البيان)) أن أحداً لا يشك في صفاء نياتهم ولا في طيبة قلوبهم، ولا في جد جدهم، وأنني على وجه الخصوص لا أريد، عندما أقدم نقدي في موضوع ما، لا أريد أن أحملهم ((وحدهم)) إثمنا ((جميعاً)). لا سيما في المقالة المتهمة، عندما أقول أن في رأي من ((يشبهنا بفراشات جميلة)) مزيداً من تبرير مراجعة نفوسنا، بطريقة النقد الذاتي.

ومهما يكن الأمر، فإن أحسن مواهب الإِنسان وأطيب نياته لا تمنع من تأثير نوائب الزمن، الملازمة للقوانين التي تحكم مصيره.

وفي المجال الاجتماعي بالخصوص، فإن مشكلة تطرح على بساط البحث


(١) وهذا الكتاب مترجم الآن إلى اللغة العربية، حتى أن القارئ العربي يمكنه أن يفهم من خلال هذه السطور، أسلوب الصراع الفكري، وكيف يحاول الاستعمار أن يسخر ((أقلامه)) حتى يظهر كتاباً يحاول دراسة ((شروط الحضارة)) يظهره في صورة كتاب وضع للحديث عن الأشخاص.
(٢) ويجب أن نقول: إن أول من قاوم هذه الفكرة كان من بين الطلبة أنفسهم، ممن يتزعم اليوم الحركة الوطنية لأنها أصبحت تجارة مربحة بينما كانت تجارة خطيرة قبل ربع قرن.

<<  <   >  >>