للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشعب بأكمله، شعب وضعته ظروف اجتماعية وسياسية ونفسية خارج دائرة العمل (١).

وعليه، فإذا كان الحل على صورة ((مكتب تشغيل)) يصلح في الحالة الأولى - عندما تخص القضية فئة من الناس- فإِنه لا يصلح في الحالة الثانية وربما كان مضراً إذا أضاف عنصراً نفسانياً يعقد المشكلة، ويغير الاتجاه إزاءها، ويمكن أن نستدل على هذا الخطأ بمثل ملموس يعطيه لنا ذلك الشاب الذي كان رده على نداء ((شباب حزب البيان)) بأنه وجه إلى هذه الهيئة طلب تشغيل كـ ((نصف مهندس)) وهذا خطأ في تفهم فرد للقضية ...

ولكن عندما نرى الهيئة التي يتوجه إليها هذا الشاب تنشر طلبه في جريدتها، كأن القضية قضية فرد أو أفراد معدودين، فالخطأ هنا أكبر، لأنه يتضمن عنصراً فكرياً ونفسياً، يؤدي إلى محاولة عابثة، كأن الحل منوط بصحيفة تنشر على أعمدتها طلبات الذين يبحثون عن شغل ... إذ الطريقة ستكون مضحكة، بلا ريب عندما يكون عدد الطلبات يبلغ الملايين ...

وزيادة على هذا، فإنني على يقين من أن الطلب الذي وجهه الشاب الذي يبحث عن عمل ((نصف مهندس)) لم يجد في سوق العمل من يلبيه ... (وأتمنى أن يأتيني النبأ الذي يجعلني أخطأت في تقديري) ... (٢)

وعليه يجب أن ندرك كيف يكون الحل الذي نقدمه أو نقترحه في صورة ((مكتب تشغيل)) ... ؟ قد يكون صداه، في حياتنا العامة، سلبياً من وجهين، لأن الفشل المزدوج الذي ينتج عنه يزيد من ناحية ((الجمهور)) في عدم الثقة، ومن ناحية ((النخبة)) قد يزيد في الشعور بالعجز الذي يؤدي إلى اليأس والتقليل من الإِرادة في العمل ...


(١) وقد يلاحظ القارئ من الجملة التي نقلناها له في التعليق الذي يتبع هذا المقال، وهي مقتطفة من مقالة صدرت في نفس العدد مع المقالة التي نترجمها هنا، فهو يدرك هكذا أن الاستعمار بدأ يهيئ الجو في الوقت الذي تنشر فيه هذه المقالة ... حتى لا يتحقق أثرها.
(٢) وأقرل للقارئ أن هذا النبأ لم يأت لا على أعمدة الجريدة. ولا في بريد خاص.

<<  <   >  >>