وعليه، فإن صرخة شباب حزب البيان، كانت، فيما يبدو، تبشر بعهد جديد بالنسبة إلى العطلة، كدعوة لدراسة هذه القضية دراسة مثمرة، من شأنها أن تأتي بالحلول المناسبة للمشكلة المعروضة.
ومما كان يزيد في توقع هذا الأمر، أن نداء الشباب كان يطلب الردود متعمداً ... فكان إذاً من المنتظر أن تقع مناقشة بين هؤلاء الشبان الذين لم يتقرر مصيرهم، فيعرضون مطالبهم ويعبرون عن رأيهم، ويقترحون فيها ... ما يرونه مناسباً من الحلول، ويشرعون في مبادرات أو يساهمون فيها ... أي بكلمة موجزة، أنهم سيتخذون في هذا الأمر موقفاً حاسماً.
وكانت أهمية هذه الفرصة تتزايد في نظرنا، بقدر ما كنا ننتظر أنها ستجلي في ضوء واحد، موقفين: موقف أصحاب النداء أي النخبة، وموقف من يتوجه إليه النداء أي الجمهور، أي موقف الطائفتين اللتين تكونان العناصر المحركة لحياة اجتماعية وكانت الفرصة هكذا تفسح المجال لاختبار أهم جانبين في الشباب الجزائري ولكن لقد مضت الأمور، في الأول، كأنما نداء شباب حزب البيان لم يخص حالة عامة، وإنما بعض الحالات الخاصة، لم نعرف منها بالتالي إلا حالة واحدة، حالة شاب ميكانيكي كان له الفضل في الدخول في المناقشة المطلوبة.
فدخل فيها وحده ... دون أن يكون له رفيق ... فالواقع أن المناقشة لم تقع، لأن الجانب الذي كان سيمثل فيها ((الجمهور)) يفقد الروح الاجتماعية، كما يعبر عن ذلك موقفه السلبي، وسنقول فيما يتبع شيئاً عن معنى هذا الفقر الاجتماعي الذي يؤدي إِلى نتيجة غير منتظرة، لأنه من الوجهة العلمية كأنه نافية تنفي وجود القضية المعروضة للبحث.
ومن ناحية أخرى، يجب أن نلاحظ أن الجانب الآخر الذي كان سيمثل في القضية ((النخبة)) كان مصاباً أيضاً بفقر اجتماعي ولكن من نوع آخر كما يدل على ذلك عدم تنبهها إلى سلبية ((الجمهور)) التي أشرنا إِليها، كمشكلة اجتماعية، قائمة بذاتها يجب إضافتها إلى القضية المعروضة كي تدرس كجزء منها يزيد بضوئه