وهذه الحقيقة، إنما نراها بأعيننا في كل خطوة وكل كيلو متر عندما نسير على طرق البلاد الجزائرية .. فعندما يستوقف رجال الدرك الفرنسي عربة على إِحدى هذه الطرق، وتبصر أعينهم أن السائق والمسافرون من المسلمين، فإن تمثيلية غربية تبتدئ. فمجرد عملية الرقابة على الطرق تصبح إذاً عملية تنقيب وفحص دقيق.
وإذا كانت العربة للنقل العام، وبها عدد كبير من المسافرين، فإن هذه التمثيلية تتخذ طابع استفزاز، وإرهاب ومساومة في وقت واحد. حيث تتوجه الرشاشات إلى الصدور وتصبح الكلمات قذفاً وشتماً في الوجوه.
ثم تنتهي التمثيلية بخاتمتها العادية: فيحرر رجال الدرك مخالفة لصاحب العربة، مخالفة تستمد حيثياتها القانونية من اعتبارات كثيرة. مثلا لأن بأنف السائق زائدة لحمية .....
ومن البديهي، أن هذا الوضع ((الديمقراطي)) الذي يسيطر على البلاد، يسيطر عليها تحت إِشراف السلطات التي تراقب هذه العمليات في جميع الأنحاء، تراقبها في نطاق المديرية وفي نطاق الوطن بصورة عامة.
والصحافة الاستعمارية تنقل كل يوم هذه الأنباء، وتصنف ((القائمة الفخرية)) لهذه الانتصارات المسلحة على الشعب الجزائري الأعزل ...
وفي ميدان آخر، ميدان الاقتصاد، نجد كل الآلات، التي تحرك وتقود هذا الميدان، توضع بالخصوص في يد ((الأوروبي))، بينما تعطى الأولوية، والامتيازات الخاصة للمسلم في ميدان دفع الضرائب حتى أن قائمة ((الأرباح غير المباحة)) التي وزعت على سكان قسنطينة سنة ١٩٤٦ أو سنة ١٩٤٧، وكان مبلغها ٢٥٠ ألف جنيه (بعملة ذلك الزمن)، وزعت في الحقيقة على التجار المسلمين بنسبة ٩٠% بينما لم يكونوا هم المنتفعين من تلك الأرباح خلال الحرب العالمية الثانية.
وأما في ميدان العمل، فإن الطبقة الكادحة الجزائرية تعلم أي مكان تشغله