والسيادة، والآخر عليه السمع والطاعة، كما يعتقد من يدين بالعنصرية.
وفكرة هذا الفاصل الذاتي شيء جدير بكل اهتمام في دراسة الواقع الاستعماري كظاهرة، والمؤلف يبين هذا الفاصل في الضمير الأوروبي، ولكن دون أن يحدد نقطة بدايته في التاربخ، وربما طابقت هذه النقطة اليوم الذي اكتشفت فيه أوروبا، في أعماق نفسها، ما أطلقت عليه ((ابن المستعمرات))، أو ((الإنسان الملون)).
وحيث لم يكن لدينا، أكثر مما لدى منوني، من معطيات التاريخ ما يكفي لتحديد تاريخ هذا الانفصال في الضمير الأوروبي، فقد كنا في دراسة سابقة (١) قدرنا هذا التاريخ بصورة تقريبية في العهد الروماني، في العهد الذي كانت فيه الحروب الفينيقية، بما تتصف به من شدة معاملة تعبر عنها تلك الكلمة المأثورة التي كان يرددها كاتون في كل مناسبة ((لا بد أن تحطم قرطاجة)) كانت تلك الحروب إرهاصا للحروب الاسعمارية كأنها تنذر بتلك المذبحة التي ستحدث في أمريكا يوم ينزل بأراضيها بيزار.
وإذا كان منوني يقتصر على اعتبار الأشياء في العهد الاستعماري الحديث، فإنه اعمى هذا قد قدر العوامل الاقتصادية والسياسية والستراتيجية التي تتصل بالنزعة الاستعمارية اتصالا تكوينيا، مع ذلك فهو يعتبر أن هذه العوامل كلها ((تؤدي مفعولها، كأسباب، في عقول مهيأة نفسيا)).
وهذا الاعتبار يمثل إلى حد ما المدخل المنهجي الذي ندخل به إِلى نظرية منوني، حيث ينشأ عنها مفهوم أولي يسميه ((موقفا استعماريا)).
إن ((الموقف الاستعماري)) ينشأ في نظر منوني كل مرة ينعكس فيها الـ ((أنا)) الأوروبي خارج إطار أوروبا، أي كل مرة يقع فيها اتصال بين ((الأوروبي)) و ((الأهلي))