(في عدد ٢٤/ ٤/ ١٩٥٤) أن الرجل، تحت تأثير الوحدة والتهديد، وصل إلى ((درجة الاعتراف)). وإذا سمح لنا القارئ أن نتكلم باللغة التي تناسب هذا الموقف، في هذا الجو الخانق الذي أحاط به البوليس الفرنسي حياة الشعب المراكشي كلها، في الظروف الحالية فنتساءل:
بأي شيء اعترف جلالة الملك؟
إننا لا ندعي معرفة النص الذي وضع تحته إمضاء الملك السجين وإنما طالعنا بعض السطور الغامضة التي نشرتها صحيفة لوموند مقتطفة من هذا النص حسب زعمها.
ولكن الشيء الذي يبدو واضحاً في كل هذا، هو رغبة الكي دورسي في إعطاء هذا النص (مهما تكن قيمته التاريخية) قيمة الوثيقة الديبلوماسية (١).
إننا نترك لرجال القانون أن يقدروا هذه القيمة من زاويتهم الخاصة، ولقادة السياسة المراكشية الوطنية أن يقدروها من الناحية السياسية، إنما نريد أن نعتبر الأشياء هنا من الناحية الإنسانية فقط.
إذ ما يبدو واضحاً من النظرة الأولى في المقتطف الذي نشرته صحيفة لوموند، مما تسميه ((رسالة الملك)) هو الجهد الذي بذله صاحب الاقتطاف، كي يبقى القارئ الذي يطالعه تحت تأثير تعليقاته، حيث أنه لم يجد فيما يطالعه ما يسمح له بتكوين رأيه الخاص في الموضوع، إنه كان مما يتعين في مثل هذه الظروف أن يعطى للقارىء حق مطالعة ((اعترافات)) الملك في نصها الحرفي، لا في تعليقات من يعلق عليها، بينما لا يقول لنا عن هذا النص إلا شيئاً واحداً هو أن الكي دورسي قد قام بنشره .. أين؟! ومتى؟! فهذا ما لا نعلم عنه شيئاً.
حتى إننا، بعد مطالعة ما نشرته لوموند، لا نستطيع أن نفهم أثراً لتفكير
(١) إن هذه المقالة كانت تهدف بالضبط إِلى تنبيه الرأي العام حتى لا تكور أي قيمة شرعية لنص يمضيه سجين في ظروف قاهرة أو يزور عنه تزويراً.