وهذا يعني أن الكي دورسي، الذي لم يكن مستعداً للمفاوضة مع ملك حر، يعبر بحرية عن إرادة شعبه، يريد الآن الحوار مع سجين يستطيع أن يضغط عليه بما يراه، مناسباً حتى يقربه من وجهة نظره ... وقد يتساءل بعض البسطاء لماذا يتكلف الكي دورسي هذه الجهود كلها ليقرب من وجهة نظره ملكاً لم يبق له سلطان على عرشه ... ؟ أما الاستعمار الذي أحكم الخطة فهو يعلم الجواب.
ولنكن واثقين من أنه سيبذل كل ما يستطيع من حيلة وكيد للوصول إلى هدفه، أي للحصول غصباً، على بعض التنازل من جانب الملك، وبعض تصريحات تصلح كقاعدة شرعية لحكم الملك، المصنوع بالرباط، ولقد يكون مستعداً، في سبيل ذلك، إلى ترك الباشا الجلاوي وشأنه ... (١) شريطة أن يصرح الملك أو يقتنع بأن شعبه شيء لا وجود له، وأن هيئة الأمم أسطورة من الأساطير، وأن الجامعة العربية طيف من الخيال.
وهل يمكن هذا إلا بعزله من وعن العالم .. كي ينسى أنه موجود؟!.
...
(١) كما فعل يوم اضطرته الثورة الجزائرية إلى التراجع عن سياسة العنف إلى سياسة اللين والكيد.