لقد كانت هذه الرعشة تدل على الحياة في عالم الموت ... وصرخة تعلو في عالم الصمت ... و ((خطراً)) في عالم الاستعمار!!
وشعر الاستعمار فعلا بالخطر ... فأخرج من شنطته رجلا تأخذه من حين إلى حين الحالة الصوفية ... أخرجه كي يجدد به عصر الدراويش.
فكان النظر جذابا ... يدفت نظر الشعب البسيط ... المتعطش لخوارق المعجزات ... فيأتي بنقوده يقدمها نذورا عندما يدق البندير.
وفكر الرجل الذي تأخذه الحالة الصوفية كي يزيد تأثيره على مشاعر الشعب البسيط، فوضع حوله حلقة من ((العلماء)) يتقبلون تبرعات البسطاء، ويباركون هؤلاء البسطاء المتعطشين للمعجزات.
فكان ذلك عصر الشيخ ابن عليوا، ورفقائه أمثال الشيخ الحافظي ...
ولكن الفكرة استمرت في طريقها ... مثابرة ... مثابرة في عالم لا زال في خدر النوم، حيث كان آباؤنا يعيشون، فلم تستطع البنادير والشطحات الصوفية، أن تبعث عهد المرابطين من جديد.
وكما يقول المثل الجزائري:((فعندما يتمزق البندير، تتفرق حلقة المداحين)) ولكن يجدر بنا أن نضيف: أن الجماهير أيضا تتفرق حينئذ.
وذهبت فعلا الجماهير المتفرقة إلى حيث يدعوها واجبها، فأخرج حينئذ الاستعمار من شنطته وثنا يتكلم كلاما خلاباً ... كي يلفت الأنظار عن الفكرة.
ولم يصبح حينئذ الحديث عن الواجبات، ولكن عن الحقوق التي ((تؤخذ)) عندما نمد أيدينا .... إلى القمر ... مثلا.
وهكذا انتهى عصر آبائنا وبدأ عصرنا ... وعلى بابه كرمز اليد الممدودة إلى القمر!
ولكن الفكرة استمرت جادة في طريقها وفي عملها، وانتهت الجماهير المنومة،