للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الذكرى المؤثرة فيه أيام الحرب، عندما كان يرى حرف (( V)) مكتوبا على الجدران (١).

ولم يبق طفل أوروبي، أو يهودي، لم يكتب هذا الحرف على جدران قريته. ولم يذكر في الوقت نفسه، ذلك الرجل ((أبو النصر)) الذي خلده، لأنه في ساعات الظلام الحالك في خضم المعركة، قد تمثل في شخصه كفاح التحرير من أجل حرية الملايين من البشر.

ولكن العالم لا زال يعيش على أحر من الجمر المأساة الاستعمارية ولا يمكن أن نعيش فيه دون أن نحقد تلقائيا بعض المقارنات التي تتبادر إلى الذهن.

فعندما يتكلم المستر شرشل ((أبو النصر)) عن ((الحرية)) كما تكلم في حديثه مع الصحافي الألماني، فإننا لا نستطيع في هذه الأيام أن ننسى مصير ((الماو- ماو)) الذين سلبوا في خطوة أولى في سبيل ((الحضارة)) أراضيهم الخصبة، والذين يقصد بهم، في خطوة ثانية، التنكيل والإبادة.

كما لا ننسى أيضاً في هذه الأيام ما يتجرع أهالي الملايو من طعم ((السلم والحرية))، تحت مطر من القنابل التي تلقيها على قراهم أسراب القوات الجوية الانجليزية.

وهل نستطيع أن ننسى أن هذا ((المخلب)) الذي يريد وضع وصمته على العهد الجديد، كذكرى تذكرها الأجيال المقبلة، انه هو ((المخلب)) الذي أعدم بجرة قلم دستور الجوييانه، أي جميع الحريات التي يضمنها لشعبها.

لقد وددنا لو استطعنا أن نوحد فكرنا، حتى نرى في المأساة الإنسانية مأساة واحدة، وفي شخص المستر شرشل شخصاً واحداً: رجل التحرير.

ولكن الواقع يضطرنا، بكل أسف، أن نرى مأساة أخرى تعيشها الشعوب المستعمرة، ووجها آخر لمستر شرشل تعرفه تلك الشعوب: وجه المستعمر.


(١) فكان هذا الحرف يكتب تحدياً للجيش الألماني المحتل، وتفاؤلا لأنه الحرف الأول من كلمة Victory النصر، وكان مستر شرشل يصوره بأصبعيه في كل مناسبة.

<<  <   >  >>