تبتدئ عمل التخريب، تلك المأساة التي تنتهي بموت التراب، وتترك شعباً بدون خبز.
والمسيو أنجلهرد يذكرنا أن القارات في طريقها إلى الذوبان مثل قطعة سكر في الماء، ويذكر أرقاماً في منتهى الدلالة، ففي إِيطاليا على سبيل المثال، نرى أن نهر ((البو)) يلقي وحده في الإدرياتيكي أكثر من أربعين مليون طناً من التراب سنوياً، أي مساحة مائة وأربعين كيلو متراً مربعاً.
وفي أمريكا، حيث يبدو أن هذه الظاهرة بدأت مفعولها حوالي لسنة ١٨٩٠، على أثر الإجراءات الزراعية الكبيرة التي أجريت في المناطق الغربية فإن أثرها بلغ أوجه حوالي سنة ١٩٢٠ وكان تخريب الرياح بالمقدار الذي جعل مزارعاً من ((التكساس)) يعبر عن المأساة ((بنكتة))، فيقول: إِنني أرى ((عزب)) منطقة الأكلاهومة تطير فوق رأسي، فمن الصبح إلى الآن قد غرق منها أكثر من مياه عزبة في خليج المكسيكي.
وقد تتأكد خطورة المشكلة في نظرنا، إذا ما عقدنا المقارنة بين الأرقام التي تدل على نقصان الأرض الصالحة للزراعة والتي تدل على زيادة السكان في العالم.
وقد تتضمن هذه المناقضة كل مشكلات العالم الاجتماعية والسياسية المقبلة.
وفيما يخص الشمال الإشريقي، فإِن هذه المشكلات قائمة منذ الآن، وقائمة بالحدة التي تكون عليها الأشياء عندما لا تصبح المصلحة العليا- مصلحة الشعب- مقدمة على المصالح الخاصة، إذ أنه كلما كانت الأولوية للمصلحة العليا، فإن أعمال أولي الأمر تتصف بتلك الأولية حتى لا يبلغ السيل الزبى.
فأولو الأمر في أمريكا، مثلا، بعد أن قاموا بأعنمال تؤدي إلى اختلال التوازن الطبيعي الذي ذكرناه، قد تداركوا الأمر في الوقت المناسب وضربوا لنا مثلا قد نخطئ إِن لم نحتذه.
والاتحاد السوفييتي أيضاً واجه هذه المشكلة، بل منذ عهد القياصرة،