إذ على أثر أزمة جفاف لم يسبق له مثيل، اهتمت السلطات بالموضوح، وعينت حوالي ١٨٩٢، العالم دوكتشايف لدراسته، فأسس هذا العالم الروسي معهداً علمياً من أجل ذلك، معهداً ولد فيه علم جديد ( Pédologie) أي علم تكوين التراب.
ولا شك أن تأسيس المصلحة التي تقوم بإصلاح التراب بالجزائر، تلبي ضرورة حيوية في البلاد، ولكن نجاحها في مهمتها- وهي تعويض الأشجار والغابات التي قطعت- لا يتم إلا بقدر ما تعيد ذلك التوازن الطبيعي الذي أشرنا إليه، بينما لا نرى أن السلطات التي بيدها الأمر تقاوم كما ينبغي عوامل التخريب للتراب الذي تستهدف إصلاحه.
إن الصحافة قد نوهت، منذ بضعة أشهر، بما حدث في ناحية مدينة باتنة، حيث أن ما يقرب من عشرين ألف شجرة قد قطعت بموافقة بعض ممثلي إدارة المياه والغابات.
ولم يبلغ إلى علمنا أن السلطات قامت بأي تحر لتحديد المسؤوليات في هذه القضية.
حتى إن الحالة التي تواجهها مصلحة إصلاح التراب بوسائل ربما ليست كافية بالنسبة لاتساع الرتق، قد تزيد تفاقماً وتصبح تلك الوسائل مضحكة، إذا ما زادت الأعمال التخريبية التي نشير إليها في خطورة الحالة.
ومما يزيد في هذه الخطورة، هو أن المسؤولين يقررون موقفمهم إزاء القضية، على مبدأ أن المسلم هو المسؤول عن الخلل الذي حدث في توازن العناصر الفعالة - شجر، نبات، تراب- في صلاحية التراب للزراعة بالشمال الإفريقي.
وقد نعلم الأعمال الاضطهادية التي تعرض لها الشعب الجزائري بسبب هذا المبدأ عندما يطبق في صورة قانون المسؤولية الجماعية.
وقد نجد أثر هذا الرأي الرسمي حتى في وجهة نظر المسيو أنجلهرد ذاته، كما يبدو من خلال أحد التفاصيل التاريخية التي تتناولها دراسته، حيث من بين الأسباب التي أضرت بمنطقة الغابات الموجودة بأوروبا الجنوبية، يذكر صناعة السفن