للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتنظيم من ناحية أخرى.

وبقدر ما تكون النزعة الأولى أو الثانية هي المسيطرة، يكون على المجتمع طابع الأمومة، بما في ذلك من عبقرية الأنثى، َ أو طابع الأبوة، بما في ذلك من عبقرية الذكر.

وهذه الصفات قد يكون أثرها ظاهراً في نظام الأسرة، حيث تكون الأسرة تحت سلطة الأم ( Matriarcat) أو تحت سلطة الأب ( Patriarcat) ولكن وبصفة عامة، فإِن هذه الصفات تحدد صورتين أو مرحلتين من الحضارة، تتسم كل واحدة منها بسمات معينة.

ويمكننا أن نتصور هاتين السورتين أو المرحلتين من خلال طبيعة المرأة والرجل.

إِن عنصر الأنثى يعني الخصوبة والتغيير السريع، ونشاهد أثره في أشياء مثل ((الموضة)) و ((التقدم))، كما يحتوي ذوق جمال وشاعرية.

أما عنصر الذكر، فإِنه يعني القوة والاستمرار والمبدأ الأخلاقي والتصوف.

إِنني لا أعتقد أن الكاتب الإنجليزي واصل التحليل إلى نهاية دور حضاري كامل، لأنه يفقد هذا المفهوم ذاته، حيث أن الثقافة الغربية في دراستها تاريخ الحضارات لا تقف عند مفهوم ((الدور الحضاري)).

أما إذا واصلنا نحن التحليل، فإننا سنرى الحضارة التي تطبعها عبقرية الأنثى ستنتهي عندما تصبح المرأة ((فارسة)) Omazone (١) ويصبح فيها الرجل مخنثاً- وهي تنتهي إلى فجور وميوعة وانحلال، أما الحضارة التي عليها طابع الذكر فتنتهي إلى الجفاف والعقم والتحجر.

لقد كان المجتمع الجاهلي كله تحت سلطة الذكر، وقد كان فيه ما فيه من قسوة ( Chanatos) ، وفيه ما فيه من نزعة التحطيم، حتى إِن المولودة كانت


(١) ((الفارسة)) هى المرأة في مجتمع أسطوري، أخدت فيه الأنثى مقاليد الأمور وقامت فيه بأدوار البطولة.

<<  <   >  >>