توأد، يئدها أبوها. وحين جاء الإسلام أكبت في الذكر دوافع الجفاء والتحطيم، ولم يترك له إِلا قدرة التغلب على النفس، وقدرة التنظيم والتوجيه، فكوَّن بذلك مجتمعاً تتمتع فيه المرأ بكثير من الحقوق، مقابل بعض الواجبات. حتى أن الفقه الإِسلامي لم يفرض عليها إِلا واجب الزوجية، أما الواجبات المنزلة، كالغسيل والطبخ فإنها ليست مطلوبة منها، وحتى الرضاعة ليست فرضاً عليها، بل على الزوج أن يأتي بمرضعة لولده.
وقد نتصور أن هذه التسهيلات، التي يقررها الفقه الإسلامي للمرأة غير معمول بها من الوجهة الواقعية، لأنها ربما تبالغ قي تحرير المرأة من أسر الحياة المنزلية، ولكن هذه المبالغة من الناحية النظرية، تلفت نظرنا للحالة الحقيقية التي تقع فيها المرأة المسلمة اليوم من حيث الأعباء المنزلية، تقع فيها أو تعود إليها بنكسة المجتمع الإِسلامي، إِذ يبدو أن هذا المجتمع، بقدر ما فقد خصوبته وقوته في التنظيم، قد عاد إلى الحالة التي كان عليها المجتمع الجاهلي من حيث الشدة والعقم.
إننا لا نئد البنات اليوم، لأن قانوناً ورثناه عن الإسلام لا زال يمسكنا، ولأن قانوناً جنائياً يقفنا عند حدنا ولكن إِذا لم ندفنهن على قيد الحياة في الترات، فإننا ندفنهن في الجهل.
ولكن هذا الوأد لا ينسينا ما تركت لنا الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي، من تقاليد تعلي من شأن المرأة، ومن أسماء نساء لامعات تبقى آثارهن كمعالم الطريق لحركة نسائية إسلامية مجددة.
إِن تلك الآثار تشمل الأدب والفنون والتصوف وعمل الخير. إن سيدات مسلمات قد تسابقن إلى الخيرات وتنافسن في البر والتقوى حتى تركن للأجيال المقبلة قدوة نقتدي بها إذ نجد في سماء الأدب الأندلسي اسم ((ولادة)) يلمع حين كانت تشرف على ((صالون أدبي)) يجتمع فيه فحول الأدباء والشعراء، قبل أن يلمع اسم مدام دي رمبولييه في الأدب الفرنسي بقرون.
ولقد بقي اسم رابعة العدوية يرفرف في أذهان الأجيال المؤمنة من المسلمين،