موضوع القصة في القرآن، يشترك مع موضوعات القرآن الأخرى، في القصد إلى تحقيق الغرض الكلّي الذي تنزل القرآن من أجله. فللقصة في القرآن إذا غرض أساسي، هو تحقيق المعنى الكلي الذي جاء به القرآن إلى الناس.
ولكنّ لها، إلى جانب ذلك، أغراضا فرعية، لا تخرج في هدفها الأول عن ذلك الغرض الأساسي.
ونحن نلخص هذه الأغراض في ثلاثة أمور:
الأمر الأول: إثبات الوحي الإلهي والرسالة النبوية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم
فقد كان عليه الصلاة والسلام، كما علمت، أميّا. وقد علم التاريخ ورجاله أنه لم يقصد إلى أحد من علماء اليهودية أو النصرانية يسمع منهم أخبار عيسى وموسى وغيرهما من الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه. ولو فعل ذلك، لما كتمه عن الناس ولا موّه عليهم، كيف وقد عرف بين قومه طوال أربعين سنة من العمر بالأمانة والصدق والوفاء مع الناس.
فلما جاء القرآن بقصص الأنبياء السابقين والأمم الغابرة، على نحو يتفق جملة وتفصيلا مع ما أثبته التوراة والإنجيل من عرض تلك الأخبار والقصص، كان ذلك دليلا لا يقبل الشك بأن هذا القرآن ما كان حديثا يفترى، ولكنه وحي من الله عزّ وجلّ (١).
(١) انظر مبحث تاريخ الوحدانية في كتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ص: ١٩٤ وما بعد.