وحسب هذه الضرورة دافعا لكل عربي أن يقبل على هذا الكتاب في دراسة واعية عميقة.
[تعريف إعجاز القرآن:]
أجمع عامّة الباحثين من علماء العربية والتشريع والفلسفة والفرق المختلفة أن القرآن معجز. فما معنى أنه معجز؟
لدينا في الجواب على هذا السؤال تعريفان للإعجاز، أحدهما هو المعتمد لدى جمهور العلماء والباحثين، والثاني تفرد به أبو إسحاق إبراهيم النظام (ت: ٢٣١) اللغوي والمعتزلي المعروف، ثم تبعه في ذلك بعض الناس من فرقته وجماعته.
فأما التعريف الأول، فهو أن القرآن قد سما في علوّه إلى شأو بعيد بحيث تعجز القدرة البشرية عن الإتيان بمثله؛ سواء كان هذا العلو في بلاغته أو تشريعه أو مغيباته.
وأما التعريف الثاني فهو أن الله قد صرف قدرات عباده وسلب همّتهم وحبس ألسنتهم عن الإتيان بمثله.
والفرق بين التعريفين، أن مصدر الإعجاز في التعريف الأول علوّ منزلة القرآن عن مستوى الطوق البشري، أما مصدره في التعريف الثاني فهو حبس القدرات وصرف الهمم عن معارضته وتقليده، أي فهو قد يكون، والحالة هذه، غير بعيد في منزلته البلاغية عن طاقة البشر، ولكن الله، تصديقا لنبيّه ولطفا به، صرف الناس عن تقليده ومحاكاته.
وأنت إذا تأملت في كلا التعريفين وفي الذي هو أقرب إلى العقل والفهم منهما، أدركت أن تعريف النظّام ومن شايعه فيه، لا معتمد من المنطق أو العقل له. وقد سخر كثير
من الباحثين، ومنهم الجاحظ، بهذا التفسير للإعجاز؛ وتكاثرت الردود عليه من كل صوب.
ولننقل لك منها كلام الإمام الباقلاني في كتابه، إعجاز القرآن يقول: