حقيقته كالكلام الذي يحسنه البشر، ولكن الله صرفهم عن مجاراته ومحاكاته، لما وقع كل ذلك ولا شيء منه.
ومع ذلك فإن تفسير إعجاز القرآن، كما يراه النظّام، هو في الحقيقة أقعد في باب الإعجاز وأدعى إلى معرفة أنه كلام الله عزّ وجلّ، إذ العجز عن الإتيان بالشيء المستطاع أعجب من العجز عن الإتيان بالأمر الرفيع الذي لا يدرك ولا يستطاع. ولكن المنطق هو الذي يتجافى عن رأيه وتحليله.
[الدليل على ثبوت الإعجاز في كتاب الله في الجملة:]
ونقصد بكلمة «في الجملة» قطع النظر عن أنواع الإعجاز القرآني، والأدلة التفصيلية الخاصة بكلّ منها. وإنما المراد هنا الوقوف على دليل علمي يصلح أن يكون برهانا على ثبوت المعنى الكلّي للإعجاز في القرآن، والشامل إجمالا للأنواع التي سنتحدث عن كلّ منها بشيء من التفصيل فيما بعد.
واعلم أنك مهما حاولت أن تكشف عن براهين الإعجاز، في القرآن، فلن تقع على برهان أبين وألزم من برهان التجربة والمشاهدة. وهو الذي عناه الخطابي في كتابه «بيان إعجاز القرآن» عند ما قال:
« ... والأمر في ذلك أبين من أن نحتاج إلى أن ندل عليه بأكثر من الوجود القائم المستمر على وجه الدهر، من لدن عصر نزوله إلى الزمان الراهن الذي نحن فيه»(١).
وبيان ذلك أن العرب بدءوا فسألوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يأتيهم بآية تدل على صدق دعوته ورسالته. فأخبرهم الله تعالى بأن القرآن أعظم آية تدل على ما يريدون، وذلك في قوله جلّ جلاله: