للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عزّ وجلّ، وإن كان الحديث في ذلك يطول، ولكن كتابنا هذا مبني كما قلنا على إعطاء فكرة موجزة عن كل ما يتعلق بالقرآن.

تلك هي المظاهر الفنية لمنهج القصة في القرآن. وهي كما رأيت وليد الغرض أو الهدف التربوي الذي تدور القصة القرآنية على محوره.

أي فالعمل الفني في القرآن ليس هدفا ذاتيا، كما هي الصورة في أذهان كثير ممّن يتحدثون عن الفن أو يمارسونه بشكل أو بآخر ... وإنما القيمة الفنية في القرآن عموما وفي موضوع القصة خصوصا، خادم لتحقيق الهدف التربوي، وإدخال المضمون القرآني من أيسر طريق إلى مقر اليقين من العقل ومكمن الوجدان من القلب.

... القيمة التاريخية لقصص القرآن:

هل يحتاج هذا العنوان إلى بحث؟

إنك لو علمت أن النظر في كل موضوع أو بحث، إنما يتم عن طريق المنطق والعقل المتجرد الحر، لأدركت أن هذا العنوان كلام غريب، وأن كتابة صحيفة أو صحيفتين تحته تضييع للوقت ومعابثة للبديهيات.

ولكنك تعذرني في أن أكتب في البدهيات، حينما تعلم أن كثيرا من البدهيات أصبحت في عصرنا نظريات قابلة للجدل والبحث.

إن العقل البشري لم يمرّ بمحنة كتلك التي يمرّ بها في هذا العصر، وحسبك مظهرا من مظاهرها أن تقام فرضيّة ما طبق غرض معين أو شهوة نفسية أو حقد مستحكم، ثم يساق إليها العقل سوقا، فيراد على تأييد الفرضية ودعمها ولو بزيف من الأدلة والبراهين، ثم يراد على تفنيد ما يخالفها ولو بزيف من الأدلة والبراهين أيضا.

وكم من فرق بين أن ينطلق الإنسان من نقطة الصفر، ليسير من وراء ما يهديه إليه عقله المتجرد الحر، وبين أن يخطّ بغريزته السبيل التي يشتهيها ثم

<<  <   >  >>