للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعمد فيقود عقله فيها، مكبّلا بالأغلال مسيّرا تحت لهيب السياط! ...

ومع هذا، فلم أكن أتصور أني بحاجة إلى أن أبحث شيئا ما تحت عنوان: القيمة التاريخية لقصص القرآن، أو أن أنفق أيّ قدر من الوقت في البدهيات، إلى أن اطّلعت على كلام في منتهى الغرابة والعجب جاء في كتاب:

الأدب العربي الحديث، من مقررات طلاب البكالوريا الأدبية (١).

يقول الكاتب في صفحة: ٣٠٢ تحت عنوان نماذج قصصية:

(إن مكتبتنا العربية تتدفق بعباب زاخر من قصص وأحاديث ومحاورات وأسمار وخرافات يتجلّى بها وجه المجتمع العربي وتتوضح فيها سماته، وتختلج روحه وحيويته. فالقرآن الكريم أشار إلى كثير من القصص إشارات خاطفة ليبيّن مواضع العبرة منها. ولا شك أن إشارات القرآن الكريم إلى هذه القصص دليل على أنها كانت من القصص الشعبي السائر الذي يتداوله الناس في جزيرة العرب)!! ..

دعك من الطريقة المقصودة إلى إيهام أن منبع القصص القرآني إنما هو ما كان يفيض به المجتمع العربي من خرافات ومحاورات وأسمار. ولكني أريد أن أعلم: في أيّ مصدر تاريخي أو أدبي أو ديني أو جغرافي أو فلسفي، ثبت أو أشير إلى أن ما جاء به القرآن من قصص عاد وثمود ونوح وفرعون ويوسف وأهل الكهف، إنما كان من القصص الشعبي السائر الذي كان الناس يتداولونه في أسمارهم ونواديهم ومحاوراتهم؟! .. بل حسبي أن أعلم اسم واحد فقط من العرب وقف أو جلس في ناد من نوادي العرب يتحدث بكلمة واحدة من أيّ قصة جاء بها القرآن من بعد ... حسبي ذلك لألمح بارقة لرائحة دليل علمي، لكي أسرع فأقول إن بالإمكان أن يكون هذا صحيحا!!.

يا عجبا!! .. أيكون القرآن كاذبا من حيث صدق الكاتب؟!.

القرآن يقول:


(١) مما نحمد الله عليه أن هذا الكتاب ألغي أخيرا واستبدل به غيره، واختفى منه هذا الغشاء، إلا أنه لا يزال مغروسا في بعض الأذهان.

<<  <   >  >>