للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه (١).

وذكر في الإتقان نقلا عن كتاب الحلية بالسند أن رجلا سأل عكرمة رضي الله عنه عن آية من القرآن فقال: نزلت في سفح ذلك الجبل، وأشار إلى سلع (٢).

وأنت خبير أنّا لا نقصد بما نقول جميع الصحابة، بل إن فيهم من لم يتوفر على ذلك، ولكنا نقصد منهم أولئك الذي اشتهروا بقراءة القرآن وحفظه ونقله من فم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهم كثيرون. فكانوا يحفظون مع نطق الآية وتلقيها وكتابتها- تاريخ نزولها.

فاشتغل التابعون ومن بعدهم برواية هذا كله ونقله، بالطرق العلمية، وحسب قواعد المصطلح. وبذلك وجد العلماء بين أيديهم ما أطلق عليه فيما بعد اسم (علم المكّي والمدني).

خصائص كلّ منهما:

علمت مما قلناه أن الآيات المكيّة من القرآن، هي التي نزلت في صدر الإسلام وهي الفترة التي يحدّها من الزمن ثلاثة عشر عاما، أمضاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مكة معذبا مضطهدا، يقابل الإيذاء والاضطهاد بالمسالمة، مع المضي في الدعوة إلى الحق الذي أوحي إليه.

وعلمت أن الآيات المدنية، هي التي نزلت من بعد الهجرة، وهي الفترة التي يحدّها من الزمن عشرة أعوام، بنى فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدولة الإسلامية حيث تكاملت مقوّماتها الإدارية والدستورية والقانونية.

وعلى هذا، فإنك تجد خصائص كلّ من القسمين، مستمدة من طبيعة هاتين المرحلتين التي عاشها النبي صلّى الله عليه وسلّم قائما بأمر الدعوة.


(١) صحيحب البخاري: ٦ - ١٠٢.
(٢) انظر الإتقان للسيوطي: ١ - ٩.

<<  <   >  >>