فيها، وهو الجانب الذي تستدعيه المناسبة. وقد يحدث أن يتكرر عرض القصة نفسها أو عرض الجانب الواحد منها، بحسب الظاهر؛ ولكن تلك القصة أو ذلك الجانب منها ينطوي على عبر وعظات متعددة، فيقتضي الغرض الديني أن يعاد ذكرها عند ما تأتي مناسبة كل عبرة من عبرها، فتلبس القصة في كل مرة من الأسلوب والإخراج التصويري ما يناسب المعنى الذي سيقت بصدده، حتى لكأنّك منها أمام قصة جديدة لم تتكرر على مسامعك ولم تعرض أحداثها على خاطرك من قبل. وإذا أردت أن تقف على مثال لهذا فاقرأ سورة هود وأمعن فيما تجد فيها من قصص الأنبياء والأمم الغابرة ثم اقرأ سورة القمر، ففيها عود إلى تلك القصص نفسها، ولكنك تلاحظ من اختلاف الأسلوب والعرض وجرس الألفاظ ما يخيل إليك أنك أمام قصص وأخبار لم تكن تعلم بها، ثم إنك تجد فيها من المعاني والعظات ما لم تكن قد تنبّهت إليه في المرة الأولى.
المظهر الثاني: الاقتصار من حوادث القصة على ما يتعلق به الغرض.
ومن أجل هذا فإنك قلّما تجد القرآن يسرد حوادث القصة سردا تاريخيا، تبعا لسلسلة الوقائع والأحداث. لأن ذلك يبعد القصة عن مقصدها الذي أوضحناه.
ولنعرض أمثلة لذلك، قصّ علينا القرآن في سورة (الكهف) قصة أصحاب الكهف، فبدأها بهذه الآيات.