للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك أداة الاستثناء وصورته ليتجسد مظهر البطلان وعدم الاستجابة في صورة محسوسة متخيلة تتجسد فيها بلاهة أولئك المغرورين وضلالهم، فقال:

وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ فقد صوّر لك عدم استجابة الآلهة أو المخلوقات التي تدعى من دون الله مع استمرار أولئك المغرورين والمبطلين في التعلّق بها، بحالة ظمئان راح يبسط كفّيه نحو ماء بعيد يلمع في قاع بئر أو يبرق له في وسط مغارة ليستجيب لدعاء كفّيه ويأتي فيبلغ فاه، وأنّى له أن يبلغ؟!. وبذلك تعلم أنه ليس في الآية استثناء حقيقي ولكنه صورة متخيلة محسوسة يلمسها الشعور بل تكاد تراها العين.

وتختم الآيات بهذه الجملة الأخيرة: وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ومعناها العام واضح كما ترى، ولكن انظر إلى صياغة الجملة وما أحدثه فيها حرف الجر: «في» من الصورة التي تمتد بالخيال في آفاق واسعة محسوسة. إنها تصوّر لك دعاءهم الباطل وكيف يذهب في دروب ضائعة خاسرة، إنه كما يقولون: صيحة في واد ونفخة في رماد، وأين هذا المعنى التصويري الرائع مما لو قال: وما دعاء الكافرين إلا ضلالا؟ ..

والله سبحانه وتعالى أجلّ وأعلم.

***

<<  <   >  >>