للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدد في علم الله لقيام الساعة، وليس الإيمان بها متوقفا عقلا على معرفة زمانها وميقاتها.

* ثم تختم الآيات بهذه الآية الأخيرة التي فيها التحليل والوصف الدقيق للاضطراب الفكري الذي يطوف في أذهان الملحدين، وفيها التقريع العجيب لهم والسخرية بحالهم: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها، بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ.

ففي الآية- كما ترى- إضراب عن كل ما قد سلف من النقاش، ليقول من ورائه بأسلوب الحكاية عنهم: إن هؤلاء قد تجمعت لديهم أقصى ما يمكن أن يفهموه عن الآخرة وأدرك بعضه بعضا، ووصلوا من ذلك إلى الغاية التي لا حاجة لهم عندها إلى علم جديد يلقّونه ويبصّرون به؛ وهذا تصوير لبعض الحالات التي تعتري الملحد من الاعتداد بفكره وفهمه حتى ليخيل إليه أن قد تداركت وتجمعت في ذهنه الحقائق العلمية كلها.

ولكنه لا يلبث أن يضرب عن هذا الوصف، ليصفهم بحالة أخرى: بل هم في شكّ منها، أي إن الظنون والأوهام تأخذهم وتردّهم في أمرها فهم يتساءلون: ألعلّ ما يقوله المؤمنون هو الحق؟ لا ليس كذلك!. ولكن من المحتمل! .. وهو مظهر للاضطراب الفكري القلق الذي يبعث في النفس عذابا لا يتصور شدّته إلا من يعانيه. وهذا تصوير لحالة تنتاب الجاحد والملحد ...

ثم ينتقل البيان إلى آخر وصف؛ هو الوصف الثابت الحق في شأنهم وهو مدار الحالات الأخرى التي تعتريهم: بل هم عنها عمّون؛ إنهم من الآخرة في عماهة مطلقة يتخيلون معها ذبذبات الظلام علما وفهما، ويتصورون معها أنهم حينما يشكّون ويضطربون إنما يبحثون ويتأملون وهيهات منهم ذلك.

والله سبحانه أعلم.

***

<<  <   >  >>