بيانه، إلا وتهتز منه الجوانح طربا لرائع قوله وسمو إشراقه، ثم يقف مستسلما مشدوها تحت مظلة إعجازه! ... لا يحول دون استعلانه بذلك فكر عرف به أو هوى يميل إليه أو عصبية تسيطر عليه.
هذا، على الرغم مما انحدرت إليه الدراسات العربية من الضحالة والسطحية والضعف، ومع كل ما انتهى إليه طلابها من فساد الذوق وعجمة اللسان وفهاهة البيان.
وأشهد لو أن العربية كانت تعيش على ألسنة العرب اليوم أيام شبابها، إذا لكان للقرآن أثر فريد في حياتهم الفكرية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية.
ولكن عدوا شرسا لهذه الأمة عرف كيف يسدد الطعنة إليها، وأدرك السبيل إلى تجفيف روافد العز في حياتها، فانحطّ في أسباب الكيد لثقافتها العربية وذاتيتها الإسلامية، عن طريق إبعادها عن سلطان هذا الكتاب وحجبها عن أسباب التأثّر به.
وإن التاريخ ليرصد السعي إلى هذه المكيدة بإحصاء دقيق، وإن ذهل عنه كثير من السادرين والسكارى من أهله، وإنه ليذكر ولا ينسى يوم وقف وزير المستعمرات البريطاني «غلادستون» بين زملائه في مجلس الوزراء يقول، وقد أمسك بيده قرآنا يلوّح إليهم به:
لن تحقّق بريطانيا شيئا من غاياتها في العرب والمسلمين إلا إذا سلبتهم سلطان هذا الكتاب أولا. أخرجوا سرّ هذا الكتاب مما بينهم تتحطم أمامكم جميع السدود (١)! ...
وبعد، فإن الإحاطة بأسرار هذا الكتاب وجوانب إعجازه، أمر