ومن فوائد ذلك أيضا تتّبع مراحل الدعوة الإسلامية، والاطّلاع على كيفية تكامل بنية الفكر والتصور الإسلامي، وهو مما يهم الباحثين في تاريخ التشريع وأطواره.
ومن فوائده أنه يبصّر القارئ والمفسر بمعنى الآية ويحجزه عن الخطأ في تفسيرها. ذلك أن من قرأ سورة قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ولم يعلم زمن نزولها وهل هي مكية أم مدنية، فإنه يحار في معناها، وقد يستخرج منها أن المسلمين لا يكلفون بالجهاد في أيّ الأحوال، وإنما عليهم أن يقولوا للآخرين: لكم دينكم ولي ديني. فإذا علم أن هذه السورة إنما نزلت في مكة، عند ما قال بعض صناديد الشرك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: تعال يا محمد نعبد إلهك يوما وتعبد إلهنا يوما- إذا علم هذا، أدرك أن هذه السورة إنما هي علاج لتلك المرحلة ذاتها، وليست دليلا على عدم مشروعية الجهاد الذي نزلت فيه آيات كثيرة أخرى في المدينة.