للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قراءة أبيّ، وهذه قراءة زيد ... إلخ، والكلّ موقن أن سائر الوجوه الأخرى مما! يأخذ نفسه به ثابت ومنقول عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (١).

وقد ظلّ الأمر هكذا إلى أواسط عهد التابعين: يتلقى الناس القرآن بطريقي الكتابة والمشافهة معا، ويتلقون من الصحابة الأوجه المختلفة من القراءات الثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيقرأ كلّ بالقراءة التي يريدها مما تلقاه بالطريق الثابت الصحيح.

وفي أواخر عهد التابعين، انتبه كثير من علماء القرآن إلى ما أخذ يتسلل إلى الناس من اضطراب السلائق ومظاهر العجمة وبوادر اللحن، كما أوضحنا فيما سبق، فتجرد قوم منهم ونهضوا بأمر القراءات يضبطونها ويحصرونها ويعنون بأسانيدها، كما فعلوا مثل ذلك بالحديث وعلم التفسير.

وقد اشتهر ممّن نهض بذلك أئمة سبعة حازوا ثقة العلماء والقرّاء في مختلف الأمصار، وإليهم تنسب القراءات السبع اليوم.

وهم: أبو عمرو بن العلاء (ت: ١٥٤) وعبد الله بن كثير (ت: ١٢٠) وعبد الله بن عامر اليحصبي (ت: ١١٨) وعاصم بن بهدلة الأسدي (ت: ١٢٨) وحمزة بن حبيب الزيات (ت: ١٥٦) ونافع بن نعيم (ت: ١٦٩) وعلي بن حمزة الكسائي (ت: ١٨٩).

وليس انحصار الأئمة الذين اعتمدوا إذ ذاك في ضبط القراءات في السبع، دليلا على أن القراءات المتعددة فيما تعددت القراءة فيه من ألفاظ القرآن- لا تزيد على سبع

قراءات. بل القراءات والأوجه التي قرأ بها النبي عليه الصلاة والسلام وتابعه فيها الصحابة ليست محصورة في سبع ولا في عشر كما قد علمت.

ولكن سبب اشتهار هؤلاء السبعة دون غيرهم- كما يقول أبو محمد مكّي وغيره- أن عثمان رضي الله عنه، كتب المصاحف ووجّهها إلى الأمصار، وكان


(١) انظر الإتقان للسيوطي: ١ - ٨٣، والبرهان للزركشي: ١! ٣٢٠.

<<  <   >  >>