للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

=============

الحَجُّ في اللُّغَةِ هُوَ القَصْد، وَالحَجُّ حُجَّةٌ لِلمُسْلِمِ يَوْمَ القِيَامَة، وَسُمِّيَ بِاسْمِهِ شَهْرٌ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُم، وَمِن حِرْصِ الإِسْلاَمِ عَلَى رَبْطِ المُسْلِمِينَ بِالبَيْتِ الحَرَام: أَنْ جَعَلَ أَوَّلَ عَهْدِ المُسْلِمِ بِالحَجِّ الطَّوَاف (طَوَافُ الْقُدُوم)، وَآخِرَ عَهْدِ المُسْلِمِ بِالبَيْتِ الطَّوَاف (طَوَافُ الْوَدَاع) ٠

يَا رَاحِلِينَ إِلى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَقَدْ * رُحْتُمْ جُسُومَاً وَرُحْنَا نحْنُ أَرْوَاحَا

إِنَّا أَقَمْنَا لِعُذْرٍ قَدْ أَلَمَّ بِنَا * وَمَن أَقَامَ عَلَى عُذْرٍ فَقَدْ رَاحَا

وَقَدْ رَأَيْتُ تَضَامُنَاً أَن أُقَدِّمَ في كُلِّ مَرَّة؛ تحْتَ هَذَا الْعُنوَانِ فَقْرَة، عَنْ فِقْهِ وَرَوْحَانِيَّاتِ الحَجِّ وَالْعُمْرَة:

حَتىَّ لاَ تَتَكَرَّرَ مَأْسَاةُ رَمْيِ الجَمَرَاتِ؛ في مَوْسِمِ الحَجِّ الآتي، أُقَدِّمُ هَذِهِ الْبَاقَةَ مِنَ الأَحَادِيثِ التَّالِيَات:

تَوْقِيتُ الإِفَاَضَة، وَبَيَانُ أَنَّ التَّبْكِيرَ بِهَا لَيْسَ فِيهِ غَضَاضَة:

عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَن أَبِيهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ بِالمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْل، فَيَذْكُرُونَ اللهَ مَا بَدَا لهُمْ، ثمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَع، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنىً لِصَلاَةِ الفَجْر، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِك، فَإِذَا قَدِمُواْ رَمَوْا الجَمْرَة، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُول: أَرْخَصَ في أُولَئِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم " ٠

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ١٢٩٥ / عَبْد البَاقِي]

أَيْ رَخَّصَ في شَأْنِهِمْ ٠٠ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدِّينِ مِنْ حَرَج} {الحَج/٧٨}

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ ضُعَفَاءَ أَهْلِهِ بِغَلَس، وَيَأْمُرُهُمْ يَعْني لاَ يَرْمُونَ الجَمْرَةَ حَتىَّ تَطْلُعَ الشَّمْس " ٠

[صَحَّحَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد " بِرَقْم: ١٩٤١]

رَمْيُ الجِمَار، وًَمَا وَرَدَ في رُخَصِهِ مِنَ الآثَار

جَوَازُ الرَّمْيِ مِنْ مَكَانٍ مُرْتَفِع:

عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ العَامِرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ صَهْبَاء، لاَ ضَرْبَ وَلاَ طَرْدَ وَلاَ إِلَيْكَ إِلَيْك " ٠

[صَحَّحَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (٣٠٣٥)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: ٩٠٣]

جَوَازُ الرَّمْيِ في بِضْعَةِ أَيَّام:

عَن عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَاً وَيَدَعُوا يَوْمَاً " ٠

[صَحَّحَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (٣٠٣٦)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد " بِرَقْم: ١٩٧٦]

عَن عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: " رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ في البَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُواْ يَوْمَ النَّحْر، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ النَّحْرِ فَيَرْمُونَهُ في أَحَدِهِمَا " ٠

[صَحَّحَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: ٣٠٣٧]

تَوْقِيتُ الرَّمْي:

يَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلى وَقْتِ الزَّوَال ٠٠

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: " قَدِمْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَني عَبْدِ المُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْع، فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُول ـ أَيْ يَضْرِبُ عَلَيْهَا تَنْبِيهَاً وَيَقُول:

" أَيْ بَنيّ؛ لاَ تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتىَّ تَطْلُعَ الشَّمْس " ٠

[صَحَّحَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (٣٠٢٥)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد " بِرَقْم: ١٩٤٠]

عَنْ وَبَرَةَ قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَتى أَرْمِي الجِمَار ٠٠؟

قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ المَسْأَلَة ٠٠؟

قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: كُنَّا نَتَحَيَّن، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا " ٠

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ١٧٤٦ / فَتْح]

مَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَنَدَ إِلَيْهِ في جَوَازِ الرَّمْيِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْس:

عَن أَسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّهَا رَمَتِ الجَمْرَة، قَالَ الرَّاوِي: " إِنَّا رَمَيْنَا الجَمْرَةَ بِلَيْل ٠٠؟!

قَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنهَا: إِنَّا كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم " ٠

[صَحَّحَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد " بِرَقْم: ١٩٤٣]

وَلِلأَمَانَةِ ثَمَّ احْتِمَالٌ ـ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفَاً ـ أَنَّهَا قَصَدَتْ بِقَوْلِهَا " كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ٠٠ أَيِ الرَّمْيَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْس: أَيْ أَنَّ المَقْصُودَ بِ " هَذَا " فِعْلُهَا لاَ فِعْلُ السَّائِلِ وَاللهُ أَعْلَم ٠

أَرْجُو مِنْ فُقَهَاءِ الأُمَّةِ أَنْ يُوسِعُواْ هَذَا الأَمْرَ بِالبَحْثِ وَالاَهْتِمَام؛ لاَسْتِخْرَاجِ رُخْصَةٍ مَا أَمْكَنَ حَقْنَاً لِدِمَاءِ إِخْوَانِنَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ مِنْ شِدَّةِ وَالزِّحَام، كَمَا حَدَثَ في رَمْيِ الجَمَرَاتِ مُنْذُ عَام ٠

*********

<<  <   >  >>