الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين
غَضِبَ مِنيِّ بَعْضُ إِخْوَاني؛ وَفَسَّرُواْ مُهَاجَمَتي لِلْفَسَادِ وَالمُفْسِدِينَ بِأَنَّهُ سُلُوكٌ عُدْوَاني، وَالشَّرُّ لِلشَّرِّ خُلِق ٠٠
يَقُولُ أَمِيرُ الشُّعَرَاءِ في نَهْجِ الْبُرْدَة:
وَالشَّرُّ إِنْ تَلْقَهُ بِالخَيْرِ ضِقْتَ بِهِ * ذَرْعَاً وَإِنْ تَلْقَهُ بِالشَّرِّ يَنْصَرِمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:
{لاَ يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِم} {النِّسَاء/١٤٨}
عَنْ مجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال:
" هُوَ الرَّجُلُ يَنْزِلُ بِالرَّجُلِ فَلاَ يُحْسِنُ ضِيَافَتَه؛ فَيَخْرُجُ مِن عِنْدِهِ فَيَقُول: أَسَاءَ ضِيَافَتي وَلَمْ يُحْسِن " ٠
[الإِمَامُ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]
وَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ {إِلاَّ مَنْ ظُلِم}: " إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ يِجَهَرُ بِالسُّوء " ٠
[الإِمَامُ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]
إِيَّاكَ وَطَرِيقَ الظَّالمِين
هَذِهِ حِكَايَةُ أَمِينُ شُرْطَةٍ كَتَبْتُ أَحَثُّهُ عَلَى عَدَمِ الظُّلْم، وَهُوَ لَدَيْهِ ابْنٌ رَضِيعٌ اسْمُهُ أَدْهَم:
إِذَا كُنْتَ تَخْشَى عَلَى أَدْهَمَا * فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَظْلِمَا
فَيَحْصُدَ مَا قَدْ جَنَاهُ أَبُوهُ * وَيَلْقَاهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفْطَمَا
فَلاَ تَقْبِضَنَّ عَلَى أَيِّ شَخْصٍ * بِظَنِّكَ مِنْ دُونِ أَنْ تَفْهَمَا
وَلاَ تَبْطِشَنَّ بِكُلِّ بَرِيءٍ * بِحُجَّةِ أَنَّكَ حَامِي الحِمَى
حَتىَّ أَظْهَرَ اللهُ لَنَا كَذِبَ زَعَامَاتِه، وَأَبْدَتْ لَنَا الأَيَّامُ بَعْضَ كَرَامَاتِه؛ فَكَتَبْتُ فِيه؛ مُنَدِّدَاً بِسُلُوكِهِ غَيرِ النَّزِيه:
في الحَيِّ شُرْطِيٌّ أَبَانَ اللهُ مِنهُ مَعَايِبَه
فَضَحَتْهُ فِيمَا بَيْنَنَا أَخْطَاؤُهُ المُتَعَاقِبَة
دَوْمَاً يُعَدِّدُ بَيْنَنَا سُلْطَاتِهِ وَمَنَاصِبَه
وَيَظَلُّ يَدْهُنُ لِلْجَمِيعِ مِنَ الْوُعُودِ الْكَاذِبَة
لِيُبَادِرُواْ وَيُحَقِّقُواْ أَغْرَاضَهُ وَمَآرِبَه
حَتىَّ عَرَفْنَا بِالتَّتَبُّعِ مَكْرَهُ وَمَقَالِبَه
وَبِأَنَّ كُلَّ ظُنُونِنَا بِالأَمْسِ كَانَتْ خَائِبَة
وَكَتَبْتُ فِيهِ أَيْضَاً:
نَذْلٌ خَبِيثٌ مَاكِرٌ وَمُخَادِعُ في الاَحْتِيَالِ عَلَى الخَلاَئِقِ بَارِعُ
وَيُبَرِّرُ الْكِذْبَ الَّذِي قَدْ صَاغَهُ * بِالْكِذْبِ في الأَقْوَالِ وَهْوَ يُدَافِعُ
يَنْسَلُّ كَالثُّعْبَانِ مُخْتَفِيَاً وَفي * أَحْشَائِهِ لِلْخَلْقِ سُمٌّ نَاقِعُ
لَمْ يَسْعَ قَطُّ مَعَ امْرِئٍ في حَاجَةٍ * إِلاَّ إِذَا كَانَتْ لَدَيْهِ مَنَافِعُ
إِنْ كَانَ فَرْدُ الأَمْنِ فِينَا هَكَذَا * أَخْلاَقُهُ فَالْعَدْلُ فِينَا ضَائِعُ
هَذَا سُلُوكٌ في الْكِنَانَةِ سَائِدٌ * وَبِكُلِّ مُجْتَمَعٍ رَدِيءٍ شَائِعُ
لَكِنَّ مِصْرَ الظُّلْمُ فِيهَا زَائِدٌ * وَبِبَحْرِهَا دُونَ الْبُحُورِ زَوَابِعُ
يَاسِر الحَمَدَاني