للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حِكَايَةُ الْعُصْفُور، مَعَ الْفِيلِ المَغْرُور:

كَانَ بِإِحْدَى الغَابَاتِ فِيلٌ مَغْرُور، تَشْتَكِي مِنهُ الأَرَانِبُ وَالطُّيُور، الأَرَانِبُ قَتَلَ بَعْضَهَا، وَالطُّيُورُ كَسَرَ بَيْضَهَا: وَكَانَ لأَحَدِ العَصَافِير؛ عُشٌّ هَشٌّ صَغِير، بِمَقْرُبَةٍ مِن غَدِير، وَهُوَ بُحَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا مَاءٌ كَثِير، وَكَانَ يَمُرُّ مِن هَذَا الطَّرِيقِ فِيلٌ كَبِير، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ المَكَانُ المَلِيءُ بِالأَشْجَارِ وَالْعُشْب؛ فَأَكَلَ مِنهَا وَشَرِبَ مِمَّا فِيهِ مِنَ المَاءِ الْعَذْب، فَانهَدَمَ عُشُّ هَذَا الْعُصْفُورِ المِسْكِينِ وَتَحَطَّم، وَسَقَطَ بَيْضُهُ عَلَى الأَرْضِ وَتَهَشَّم، فَذَهَبَ شَاكِيَاً بَاكِيَاً إِلى جَمَاعَةِ الطُّيُور؛ وَحَكَى مَا جَرَى مِنْ ذَلِكَ الْفِيلِ المَغْرُور؛ فَالْتَفُّواْ حَوْلَهُ يُوَاسُونَهُ وَيُنْسُونَه، ثُمَّ ذَهَبُواْ إِلى ذَلِكَ الْفِيلِ المَغْرُورِ يُعَاتِبُونَه؛ فَسَخِرَ مِنهُمْ وَخَاطَبَهُمْ بِاسْتَهْزَاء، وَلَمْ يُقَدِّمْ لِلْعُصْفُورِ أَيَّ اعْتِذَارٍ أَوْ عَزَاء؛ فَقَرَّرَتِ الطُّيُورُ أَنْ تَنْتَقِمَ لِهَذَا الْعُصْفُور؛ فَاجْتَمَعَتِ الْغِرْبَانُ وَالنُّسُورُ وَالصُّقُور، وَانْقَضُّواْ يَنْقُرُونَ عَينَ ذَلِكَ الْفِيلِ المَغْرُور؛ حَتىَّ صَارَ أَعْمَى لاَ يَرَى، يَأْكُلُ الثَّرَى، وَيَنْدَمُ لِمَا جَرَى، وَأَقْبَلَتِ الأَرَانِبُ في ابْتِهَاجٍ وَسُرُور [وَكَانَ الْفِيلُ قَدْ هَدَمَ لَهَا بَعْضَ الجُحُور، وَقَتَلَ مِنهَا أَعْدَادَاً كَثِيرَة] فَحَفَرَتْ في طَرِيقِهِ حُفْرَةً كَبِيرَة؛ حَتىَّ سَقَطَ فِيهَا أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَة ٠٠!!

[بِتَصَرُّفٍ وَاخْتِصَارٍ مِنْ كِتَاب كَلِيلَة ودِمْنَة]

يَاسِر الحَمَدَاني

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

<<  <   >  >>