الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان
إِنَّ مَنْ يُلاَحِظُ السِّينَارْيُوهَاتِ الَّتي يَسِيرُ عَلَيْهَا النِّظَامُ الأَمْرِيكِي ـ في التَّخْطِيطِ وَالتَّكْتِيكِ ـ يَكْتَشِفُ أَنَّ وَسِيلَتَهُمْ في الهَيْمَنَةِ وَالسَّيْطَرَة؛ وَاحِدَةٌ غَيرُ مُتَغَيِّرَة، فَمَا فَعَلُوهُ مَعَ الرَّئِيسِ الْعِرَاقِيِّ المخْلُوع؛ لاَ يخْتَلِفُ عَمَّا يُرِيدُونَ فِعْلَهُ مَعَ سُورِيَّا وَإِنِ اخْتَلَفَ المَوْضُوع: أَلاَ وَهُوَ الزَّجُّ بِالدَّوْلَةِ المُسْتَهْدَفَة؛ في دَائِرَةِ الخَطَإِ لأَخْذِهَا أَخْذَةً مُتَعَسِّفَة، فَكَمَا شَجَّعَتْ صَدَّامَاً في اعْتِدَائِهِ عَلَى الْكُوَيْت، ثُمَّ حَاسَبَتْهُ وَقَالَتْ لَهُ لِمَ اعْتَدَيْت؛ ظَلَّتْ تَضْغَطُ عَلَى سُورِيَّا حَتىَّ اضْطَرَّتْهَا فِيمَا يَبْدُو لِقَتْلِ الحَرِيرِي؛ لِتَسْهُلَ إِدَانَتُهَا بِهَذَا الحَدَثِ الخَطِيرِ، وَسَائِلُ الشَّيْطَانِ كَثِيرَة؛ لِلسَّيْطَرَةِ عَلَى الدُّوَلِ الْفَقِيرَة، وَهَكَذَا سَارَ بُوشُ الْوَجِيه؛ في الاَعْتِدَاءِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ عَلَى نَفْسِ طَرِيقِ أَبِيه، فَمِنْ تِلْكَ العَصَا هَذِهِ العُصَيَّة، وَلاَ تَلِدُ الحَيَّةُ إِلاَّ الحَيَّة، وَالْعِرَاقُ في الحَالَتَينِ هُوَ الضَّحِيَّة؛ وَلِذَا أَنْشَدْتُ أَقُول ـ في هَذَا الْغُول:
يَا بُوشُ حَسْبُكَ بَلْطَجَةً وَتَلْكِيكَا * إِبْلِيسُ في المَكْرِ أَمْسَى لاَ يُبَارِيكَا
عَلِمْتُ حُبَّكَ لِلشِّعْرِ الطَّرِيفِ لِذَا * نَظَمْتُ يَا بُوشُ عِقْدَاً في أَهَاجِيكَا
الْكُلُّ قَدْ بَاتَ مِنْ ظُلْمٍ تُمَارِسُهُ * يَدْعُو عَلَيْكَ بِقُنْبُلَةٍ تُوَارِيكَا
شَنَنْتَ حَرْبَاً عَلَى بَغْدَادَ ظَالِمَةً * بَدَا لِكُلِّ الْوَرَى فِيهَا تجَنِّيكَا
وَقُلْتَ تَفْكِيكِيَ الإِرْهَابَ أَقْدَمَني * وَمَا أَرَدْتَ سِوَى لِلشَّرْقِ تَفْكِيكَا
يَا بُوشُ هَلْ مَنْظَرُ الْقَتْلَى لَهُ طَرَبٌ * لَدَيْكَ أَمْ رُؤْيَةُ الأَشْلاَءِ تُسْلِيكَا
لاَ الْعَقْلُ يَا بُوشُ يُجْدِي مَعْكَ قَطُّ وَلاَ * وَخْزُ الضَّمِيرِ وَلاَ الإِيمَانُ يُثْنِيكَا
يَا مَنْ تُقَاضِي جَمِيعَ النَّاسِ إِنْ ظَلَمُواْ * لَقَدْ ظَلَمْتَ فَهَلْ قَاضٍ يُقَاضِيكَا
لاَ بَارَكَ اللهُ في شَعْبٍ يُعِينُكَ في * ظُلْمِ الْوَرَى كُلَّمَا أَفْسَدْتَ يُعْلِيكَا
كَأَنَّني بِكَ إِنْ قَدْ مُتَّ لاَ أَحَدٌ * تَلْقَاهُ يَا بُوشُ بَعْدَ المَوْتِ يَرْثِيكَا
وَإِن غَرِقْتَ كَفِرْعَوْنٍ فَمَا أَحَدٌ * في النَّاسِ يَوْمَئِذٍ يَا بُوشُ يُنْجِيكَا
مَنْ في الجَبَابِرِ طُولُ الظُّلْمِ خَلَّدَهُ * كَمَا طَوَى المَوْتُ هِتْلَرَ سَوْفَ يَطْوِيكَا
لَوْ كُنْتَ تُبْدِي لِفِعْلِ الخَيرِ بَادِرَةً * يَا بُوشُ يَوْمَاً لَقُلْنَا اللهُ يَهْدِيكَا
لَكِنْ نَقُولُ لَنَا رَبٌّ سَيَنْصُرُنَا * عَلَيْكَ يَا بُوشُ يَوْمَاً مَا وَيُخْزِيكَا
غَدَاً تُحَاسَبُ لاَ تَلْقَى المَعُونَةَ في * ذَا الْيَوْمِ مِنْ دَوْلَةٍ أُخْرَى تُجَارِيكَا
فَمِحْوَرُ الشَّرِّ لاَ كُورْيَا طَوَتْهُ وَلاَ * سُورْيَا وَلَكِنْ بِرِيطَانيَا وَأَمْرِيكَا
بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني:
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°