الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه، وَكَيْفِيَّةُ القَضَاءِ عَلَيْه
إِنَّ الحُكُومَةَ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ تُرِيدُ أَنْ تُلْقِيَ التَّبِعَةَ في هَذَا الأَمْرِ عَلَى الجَمَاعَات، مُتَجَاهِلَةً مَا بِدَاخِلِهَا مِنَ السَّلْبِيَّات، وَالجَمَاعَاتُ في المُقَابِلِ تُرِيدُ أَنْ تُلْقِيَ التَّبِعَةَ في هَذَا الأَمْرِ عَلَى الحُكُومَة ٠٠!!
فَالتَّيَّارُ الإِسْلاَمِيُّ يُرِيدُ مِمَّنْ يَتَعَرَّضُ لهَذِهِ المُشْكِلَةِ أَنْ يُهَاجِمَ الحُكُومَة، وَالحُكُومَةُ في المُقَابِلِ تُرِيدُ مِمَّنْ يَتَعَرَّضُ لهَذِهِ المُشْكِلَةِ أَنْ يُهَاجِمَ التَّيَّارَ الإِسْلاَمِيّ، وَلِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْم؛ فَأَحْبَبْتُ أَن أَتَعَرَّضَ بِإِنْصَافٍ لِهَذِهِ الْقَضِيَّة، وَلاَ أَكُونَ مُتَحَيِّزَاً إِلى فِئَة، لاَ إِلى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلى هَؤُلاَء ٠٠
فَالحُكُومَةُ غَشُومَة * وَالجَمَاعَاتُ غَشِيمَة
لَقَدْ كُنْتُ كَثِيرَاً مَا أَقُولُ لِلْمُتَدَيِّنِين:
" أَسَأْتمْ الظَنَّ بِالحُكُومَة؛ فَأَسَاءتْ مُعَامَلَتَهَا لَكُمْ، وَمَنْ شَاتمَ القَوْمَ شَاتَمَوه " ٠٠!!
حَتىَّ رَأَيْتُ مِنَ الظُّلْمِ مَا لاَ يُطَاق، وَعَرَفْتُ أَنَّ الحُكُومَةَ فِيهَا مِنهُ مَا يَمْلأُ الآفَاق ٠٠!!
وَبَغَّضَنَا في عِلْيَةِ القَوْمِ أَنَّهُمْ * ثِيَابٌ بهَا مَا شِئْتَ مِنْ كُلِّ سَافِلِ
وَهَذَا هُوَ مَا جَعَلَني أُعِيدُ النَّظَرَ في هَذِهِ المُلاَبَسَات؛ فَتَبَيَّنَ لي بَعْدَ التَّحَرِّيَّات: أَنَّ كَبْتَ الحُرِّيَّات، وَالزَّجَّ بِكُلِّ بِالمُتَدَيِّنِينَ في السُّجُونِ وَالمُعْتَقَلاَت؛ هُوَ الَّذِي أَدَّى إِلى كُلِّ هَذِهِ التَّوَتُّرَات ٠٠
خَرَجَ أُنَاسٌ عَلَى أَحَدِ الخُلَفَاء؛ فَاسْتَفْتَوُاْ الإِمَامَ مَالِكَاً في صَلْبِ هَؤُلاَء: أَيَجُوزُ أَمْ لاَ ٠٠؟!
فَقَالَ نَعَمْ ٠٠ إِن خَرَجُواْ عَلَى مِثْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز ٠٠!!
فَسُئِلَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُواْ مِثْلَه ٠٠؟!
فَقَالَ رَحِمَهُ الله: فَدَعِ الظَّالِمِينَ لِلظَّالِمِين؛ يَنْتَقِمُ اللهُ بِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْض ٠
إِنَّ الإِرْهَابَ وَلِيدُ الظُّلْم؛ فَبِالظُّلْمِ يَسْتَحِيلُ المَظْلُومُ إِلى ظَالِم، لاَ يُفَكِّرُ إِلاَّ في الاَنْتِقَامِ وَالجَرَائِم، وَإِنَّ الَّذِي تَصْنَعُهُ حُكُومَاتُنَا الإِسْلاَمِيَّةُ مَعَ المُتَدَيِّنِينَ مِنَ الشَّبَاب؛ بحُجَّةِ الحَرْبِ عَلَى الإِرْهَاب؛ لاَ يخْتَلِفُ كَثِيرَاً عَمَّا تَصْنَعُهُ أَمْرِيكَا تحْتَ نَفْسِ الأَسْبَاب ٠٠!!
أَعْلَنُواْ عَلَى الإِسْلاَمْ * الحَرْبَ بِاسْمِ الإِرْهَابْ
أَذَاقُواْ حَتىَّ الحَمَامْ * فِيهَا صُنُوفَ الْعَذَابْ
صَدَقَ أَحَدُ الْكُتَّابِ عِنْدَمَا قَال: " يَقْبِضُونَ عَلَى طَارِق عَلِي وَطَارِق أَحْمَد وَطَارِق حسين؛ من حُبِّهِمْ في قَانُونِ الطَّوَارِق " ٠٠!!
المجْرِمُ وَاحِدٌ وَالمُتَّهَمُونَ عَشْرَة ٠٠!!
يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ بِمَلْءِ السُّجُونِ بِالْعِبَاد؛ سَيُعَالجُونَ أَزْمَةَ السُّكَّانِ وَالتَّعْدَاد ٠
المُتَّهَمُ في كُلِّ مَكَانٍ بَرِيءٌ حَتىَّ تَثْبُتَ إِدَانَتُه، إِلاَّ في مِصْر: فَالبَرِيءُ بِهَا مُتَّهَمٌ حَتىَّ تَثْبُتَ بَرَاءتُه ٠
تُذَكِّرُكَ أَفَاعِيلُهُمْ بِالثَّعْلَبِ الَّذِي كَانَ لاَ يُقَابِلُ الْقِرْدَ مِن غَيرِ أَنْ يَصْفَعَه، وَيَقُولُ لَهُ أَيْنَ الْقُبَّعَة ٠٠؟!
فَشَكَا الْقِرْدُ لِلأَسَدِ ظُلْمَ الثَّعْلَبِ وَإِرْهَابَه؛ فَقَالَ لَهُ مَلِكُ الْغَابَة: إِنَّهُ سَوْفَ يَلْقَاكَ بَعْدَ قَلِيل، وَسَوْفَ يَأْمُرُكَ بِصُعُودِ نخْلَةٍ مِن هَذَا النَّخِيل، وَسَيَقُولُ لَكَ هَاتِ لي تَمْرَة؛ وَإِنَّكَ لَوْ أَطَعْتَ أَمْرَه؛ وَجِئْتَهُ بِتَمْرَةٍ حَمْرَاء؛ سَيَضْرِبُكَ وَيَقُولُ لَكَ أُرِيدُهَا صَفْرَاء، وَلَوْ جِئْتَهُ بِتَمْرَةٍ صَفْرَاء؛ سَيَضْرِبُكَ وَيَقُولُ لَكَ أُرِيدُهَا حَمْرَاء؛ فَإِذَا مَا لَقِيتَهُ فَكُنْ مِنَ الأَذْكِيَاء؛ وَقُلْ لَهُ: تُرِيدُهَا صَفْرَاءَ أَمْ حَمْرَاء ٠٠؟
فَلَقِيَهُ الثَّعْلَب، وَطَلَبَ مِنهُ ذَلِكَ المَطْلَب، فَقَالَ لَهُ الْقِرد: تُرِيدُهَا صَفْرَاءَ أَمْ حَمْرَاء ٠٠؟
فَصَفَعَهُ صَفْعَةً مُوجِعَة؛ وَقَالَ لَهُ: أَيْنَ الْقُبَّعَة ٠٠؟!!
فَلَيْسَ وَرَاءهُمْ غَيْرُ التَّجَنيِّ * وَلَيْسَ أَمَامَنَا غَيْرُ الدُّعَاءِ