٨٩- أبو الفضل جعفر بن محمد بن شرف:
مطل الليل بوعد الفلق وتشكى النجم طول الأرق
ومرت ريح الصبا مسك الدجى ... فاستفاد الروض طيب العبق
وألاح الفجر خداً خجلاً ... حال من رشح الندى في عرق
جاوز الليل إلى أنجمه ... فتساقطن سقاط الورق
واستفاض الصبح فيها فيضة ... أيقن النجم لها بالغرق
وطمى الشرق عليه فانتحى ... من هلال غائب في زورق
فانجلى ذاك السنا عن حلك ... وانتحت تلك الدجى عن بهق
زارني والليل ينعي شرقه ... وهو مطلوب بباقي الرمق
ودموع الطل تمريها الصبا ... وجفون الروض غرقى الحدق
وتجلى وجهه عن شعره ... فتجلى فلق عن غسق
وقال في فرس:
نهب الصبح دجى ليلته ... فحبا الخد ببعض الشفق
لو تمطى بين أسراب المها ... نازعته في الحشا والعنق
لبست أعطافه ثوب الدجى ... وتحلى خده بالفلق
مدركاً بالمهل ما لا ينتهي ... لاحقاً بالرفق ما لم يلحق
ذو رضى مستتر في غضب ... ووقار منطوٍ في خرق
منها:
أبدعوا في الفضل حتى كلّفوا ... كاهل الأيام ما لم يطق
وقال:
سالت لها مسكة الدياجي ... أمام كافورة الصباح
ومنها:
يظهر للسخط وهو راض ... ويدّعي السكر وهو صاح
كأنه كلما تثنى ... يصغي إلى نغمة الوشاح
وقال:
أمسك بصدغك أو شامة ... غلفنا في الأمر حتى التبس
أظن العذار أراد انتشاراً ... فصلت بلحظك حتى احتبس
كأن المحب شكا من هواك ... سراً إليك بما قد أحس
فأودع أذنك سر الهوى ... فسود صدغك حر النفس
وقال:
وكأن الفجر في ذيل الدجى ... وافد يقرع باب الأفق
وكأن الصبح في آثاره ... صارم يضرب وجه الغسق
كلما عن لرايات الدجى ... سقطت منه سقوط الصعق
سبحت جوزاؤها في بحره ... والثريا راحة المعتلق
منها:
بسمت إذ كشفت عن نحرها ... كابتسام الفجر قبل الفلق
ثم أدنت طرة من وجنة ... كتداني ليلة من شفق
وقال في الثريا:
اسقنيها وللظلام ركود ... ونجوم الدجى هبوط صعود
والثريا كأنها قدم أو ... راحة في الظلام أو عنقود
وقال في خاتم:
أدير كدور البدر ثم لبسته ... فلم تر منه العين غير هلال
وقال:
كالصخر يعلو حين ترفعه ... بالقسر ثم يعود للطبع
وقال في المطايا:
ذو فطنة تبصر الأشياء غائبة ... كأن كل سماع عندها نظر
كأنما الدهر مرآة تقابله ... إذا تأملها لاحت له الصور
وقال:
نظرنا إليها ضاحكين إلى المنى ... بها وهي من أين عوابس سهم
وقال:
طلب التعزز فاستفاد إهانة ... ومن التعزز ما يجر هوانا
وقال:
وقد وخطت أرماحهم مفرق الدجى ... فبات بأطراف السنه شائبا
وليل بطيء المشي حبنا سواده ... كأنا امتطينا من دجاه النوائبا
وقال:
إذا أناروا القنا في ليل مظلمة ... شالوا النجوم على أطرافها لهبا
٩٠- وقال أبو عبد الله بن عائشة:
ودوحة قد غدت سماء ... تطلع أزهارها نجوما
هب نسيم الصبا عليها ... فخلتها أرسلت رجوما
كأنما الجو غار لما ... بدت فأغرى بها النسيما
وقال:
إذا كنت تهوي خده وهو روضة ... به الورد غض والأقاح مفلج
فزد كلفاً فيه وفرط صبابة ... فقد زيد فيه من عذار بنفسج
وقال:
ترى ليلنا شابت نواصيه كبرة ... كما شبت أو في الجو روض بهار
كأن الليالي السبع في الأفق جمعت ... ولا فضل فيما بينها لنهار
وقال يصف فرساً:
قصرت له تسع وطالت أربع ... وزكت ثلاث منه للمتأمل
وكأنما سال الظلام بمتنه ... وبدا الصباح بوجهه المتهلل
وكأن راكبه على ظهر الصبا ... من سرعة أو فوق ظهر الشمأل
وقال:
تربة مسك وجو عنبرة ... وغيم ند وطسن ما ورد
كأنما جائل الحباب به ... يلعب في جانبيه بالنرد
وقال:
هم سلبوني حسن صبري إذ بانوا بأقمار أطواق مطالعها بان