أغلب الظن أنه القاضي أمير الدولة أبو محمد عبد الله بن خليل العسقلاني (وحدث تصحيف في لفظة (أحمد) فتحولت إلى (نعمة) أو العكس) ذكره العماد في الخريدة (الورقة: ١٩) من نسخة باريس رقم ٣٣٢٨ وقال أنه (من الكتاب الشعراء والبلغاء والرؤساء، إلا أنه مقل مع الإجادة والإحسان، إنما يصنع ما يصنعه تأدباً لا تكسباً. وكان في عهد المستنصر (وأورد به شعراً في صارم الدولة ابن معروف صاحب عسقلان. (الذخيرة ٤: ٦١٨) ١٢٣- المجيد بن أبي الشخباء العسقلاني: هو الحسن بن محمد عبد الصمد بن أبي الشخباء (ياقوت ٩: ١٥٢) والحسن بن عبد الصمد (ابن خلكان ٢: ٨٩) وقد أشار كلاهما إلى ترجمته في الذخيرة وأثبت ياقوت نقلاً عن ابن بسام أنه توفي سنة ٤٨٢ (وقع خطأ في الطبعة المصرية من معجم الأدباء: ٤٣٢) وكان يلقب بالمجيد ذي الفضيلتين. ويقال إن القاضي الفاضل استمد من رسائله، وذكره العماد في الخريدة والعسقلاني في القسم التابع لشعراء مصر الورقة: ١٤ (نسخة باريس رقم ٣٣٢٨) فقال مجيد كنعته، قادر على ابتداع الكلام ونحته، له الخطب البديعة، والملح الصنيعة. وزكمان قبل عصرنا في أيام الاقسيس سنة سبعين وأربعمائة. وذكر العماد أنه رأى ديوانه عند صديق له بدمشق: وقال ياقوت أن أمثر رسائله أخوانيات وأورد جملة منها، وجعل المقريزي وفاته سنة ٤٨٦. (الذخيرة ٤: ٦٢٧) .
[الفن الثالث]
من لطائف الذخيرة وطرائف الجزيرة
الفن الثالث من لطائف الذخيرة
[في سحر عيون الأخبار]
[فصل قال ابن بسام]
كان أعظم الأسباب في زوال دولة الأمويين من الأندلس، أنه لما توفي عبد الملك بن أبي عامر وقام بعده أخوه عبد الرحمن تلقب بالناصر لدين الله، ثم جرى على سنن أبيه وأخيه في الحجر على المؤيد هشام، لم يقنع بذلك حتى تاب له رأي في الاستبداد بالملك فطلب من هشام أن يعهد له فأجابه إلى ما سأل وكتب له عهداً، فكره الأمويون تحويل الأمر عنهم فاجتمعوا في غيبة عبد الرحمن في الغزو وخلعوا المؤيد وبايعوا هشاماً بن الناصر ولقبوه بالمهدي. فلما طار الخبر إلى عبد الرحمن بن أبي عامر انفض جمعه وتسلت البربر منه ولحقوا بقرطبة فبايعوا المهدي. وأغروه بعبد الرحمن الحاجب ونسبوه إلى الفجور. فأرسل له من اجتز رأسه عند قفوله من غزوته، وبه انقرضت الدولة العامرية.
وكان الأمويون قد نسبوا تغلب ابن أبي عامر إلى البربر، فسخطتهم القلوب ونهبت العامة دورهم. ثم نمى إليهم أن المهدي يدبر الفتك بهم فأسروا النجوى وتشاوروا في تقديم هشام بن سليمان بن الناصر. ونمى حديثهم إلى المهدي فعاجلهم عن مرامهم، وأغرى بهم السواد الأعظم فأجلوهم عن المدينة. وقبضوا على هشام وأخيه أبي بكر فضربت أعناقهما بين يدي المهدي. فلحق سليمان بن أخيهما الحكم بجنود البربر ولجأ إلى علي والقاسم ابني حمود الإدريسي رئيس البربر، فاجتمعوا بظاهر قرطبة وبايعوا سليمان ولقبوه المستعين. ونهضوا به إلى طليطلة فاستجاشوا ابن ادفونش، فنهض معهم في جمع من النصرانية، وحاصروا قرطبة فبرز إليهم المهدي في كافة أهل البلد، وحاربهم، فكانت الدائرة على المهدي فانكسر جيشه وقتل منه ما يزيد على عشرين ألفاً.
ودخل المستعين قرطبة. فلحق المهدي بطليطلة واستجاش ابن ادفونش فنهض معه. وحاربوا المستعين فهزم المستعين وفر هو والبربر في البسايط ينهبون ثم رحلوا إلى الجزيرة الخضراء. فخرج إليهم المهدي معه ادفونش فكروا عليه فانهزم المهدي وابن ادفونش فتبعهم المستعين إلى قرطبة، عادوا ولم يدخلها فأخرج المهدي هشاماً المؤيد للناس وبايعه، وقام المهدي بأمر حجابته واستمر المستعين ومعه البربر محاصرين قرطبة. فخشي أهل قرطبة من اقتحامهم، فأغروا أهل القصر وحاشية المؤيد بالمهدي زاعمين أن الفتنة إنما جاءت من قبله، فقتلوا المهدي واجتمعوا على المؤيد وقام بحجابته، واضح مولاه.