يود أن ظلام الليل دام له ... وزيد فيه سواد القلب والبصر
وأما قوله:
هل الرياح بنجم الأرض عاصفة ... أو الكسوف لغير الشمس والقمر
فمن أقوال لأبي تمام:
إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت ... عيدان نبع ولم يعبأن بالرتم
بنات نعش ونعش لا كشوف لها ... والبدر والشمس منها الدهر في وجم
وأخذه من البحتري فقال:
ولست تربي شوك القتادة خائفاً ... سموم الرياح الآخذات من الرند
ولا الكلب محموماً وإن طال عمره ... ألا إنما الحمى على الأسد الورد
وبيت البحتري الأخير من قول حبيب أيضاً:
فإن تك نالتك أطراف وعكة ... فلا عجب أن يوعك الأسد الورد
أخذه شمس المعالي فقال:
قل للذي بصروف الدهر عيرنا ... هل عاند الدهر إلا من له خطر
أما ترى البحر تطفو فوقه جيف ... وتستقر بأقصى قعره الدرر
فإن تكن عبثت أيدي الزمان بنا ... ونالنا من تمادي بأسه ضرر
ففي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس يكسف إلا الشمس والقمر
وفي معنى البيت الثاني وقول ابن الرومي:
دهر علا قدر الوضيع به ... وغدا الشريف يحطه شرفه
كالبحر يرسب فيه لؤلؤه ... سفلاً وتطفو فوقه جيفه
وكرر المعنى فقال:
قالت: علا الناس إلا أنت قلت لها: ... كذاك يسفل في الميزان ما رجحا
وقال المتنبي:
ولو لم يعل إلا ذو محل ... تعالى الجيش وانحط القتام
قال علي ابن بسام وأما قوله:
وأين جواب منك ترضى به العلا ... إذا سألتني عنك ألسنة الحفل؟
فهو مأخوذ من قول الشاعر:
فاختر لنفسك ما أقول فإنني ... لابد أخبرهم وإن لم اسأل
وأما قوله: (ويغني عن المداح اكتفاء بسروه) فقول القائل:
وأعشق كحلاء المدامع خلقة ... لئلاً يرى في عينها الكحل سائل
فأنشد:
بني جهور أحرقتم بجفائكم ... جناني فما بال المدائح تعبق؟
تعدونني كالعنبر الورد إنما ... تطيب لكم أنفاسه حين يحرق
ومثله قول ابن رشيق:
أراك اتهمت أخاك الثقة ... وعندك مقت وعندي مقه
وأثني عليك وقد سؤتني ... كما طيب العود من أحرقه
وأخذاه معاً من قول أبي تمام:
لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف.. طيب عرف العود
ولبعض القصريين:
نوائب غالتني فأبدت فضائلي ... فكانت وكنت النار والعنبر الورد
وقال آخر:
إن مست النار جسمي ... أبديت طيب نسيم
كالدهر إن عفى يوماً ... أبان فضل الكريم
قال ابن بسام وقال:
لا يكن عهدك ورداً ... إن عهدي لك آس
وهو من قول لآخر:
ولكنني شبهت بالورد عهدها ... وليس يدوم الورد والآس دائم
قال علي بن بسام وأما قوله:
أما هواك فلم نعدك بمنهله ... شرباً وإن كان يروينا فيظمينا
ومن قول ابن الرومي:
إذا ما ازددت من شربه ... رياً ثناني الري ظمآنا
كالخمر أروى ما يكون الذي ... من شربها أعطش ما كانا
ولابن الرومي أيضاً مما ينظر إليه:
يا رب ريق بات بدر الدجى ... يمجه بين ثناياكا
يروى ولا ينهاك عن شربه ... والماء يرويك وينهاكا
وأنشد الثعالبي:
كرضاب الحبيب يشفي عليلاً ... ثم ينشئ إلى المزيد غليلا
وأما قوله:
سران في الخاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
من قول المتنبي:
أزورهم وسواد الليل يشفع لبي ... وأنقني وبياض الصبح يغري بي
وللمتنبي أيضاً:
وكم لظلام الليل عندك من يد ... تخبر أن المانوية تكذب
وهو موجود في قول ابن المعتز:
فالشمس نمامة والليل قواد
قال ابن بسام وأما قوله:
وللنسيم اعتلال في أصائله ... كأنه رق لي فأعتل إشفاقاً
فهو من قول ابن المعتز:
يا رب ليل سحراً كله ... مفتضح البدر عليل النسيم
وقوله:
الآن أحمد ما كنا بعهدكم ... سلوتم وبقينا نحن عشاقا
وقول الآخر:
أشكو الذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
قال علي ابن بسام وأنشد ابن الجهم لنفسه: