للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لَهُم الْأُمُور الَّتِي يهيؤونها ويسهل سَبِيلهَا عَلَيْهِم واستمتاع الْجِنّ بالإنس طَاعَة الْإِنْس لَهُم فِيمَا يزينن لَهُم من الضَّلَالَة والمعاصي قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب هُوَ طَاعَة بَعضهم لبَعض وموافقة بَعضهم بَعْضًا وَذكر ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ مَا كَانَ استمتاع بَعضهم بِبَعْض إِلَّا أَن الْجِنّ أمرت وَعلمت الْإِنْس وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ هُوَ الصَّحَابَة فِي الدُّنْيَا وَقَالَ ابْن السَّائِب استمتاع الْإِنْس بالجن استعاذتهم بهم واستمتاع الْجِنّ بالإنس أَن قَالُوا قد أسرنا الْإِنْس مَعَ الْجِنّ حَتَّى عاذوا بِنَا فيزدادون شرفا فِي أنفسهم وعظما فِي نُفُوسهم وَهَذَا كَقَوْلِه {وَأَنه كَانَ رجال من الْإِنْس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقا}

قلت الِاسْتِمْتَاع بالشَّيْء هُوَ أَن يتمتع بِهِ ينَال بِهِ مَا يَطْلُبهُ ويريده ويهواه وَيدخل فِي ذَلِك استمتاع الرِّجَال بِالنسَاء بَعضهم لبَعض كَمَا قَالَ {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} وَمن ذَلِك الْفَوَاحِش كاستمتاع الذُّكُور بالذكور وَالْإِنَاث بالإناث

وَيدخل فِي هَذَا الِاسْتِمْتَاع بالاستخدام وأئمة الرياسة كَمَا يتمتع الْمُلُوك والسادة بجنودهم ومماليكهم وَيدخل فِي ذَلِك الِاسْتِمْتَاع بالأموال كاللباس وَمِنْه قَوْله {ومتعوهن على الموسع قدره وعَلى المقتر قدره} وَكَانَ من السّلف من يمتع الْمَرْأَة بخادم فَهِيَ تستمتع بخدمته وَمِنْهُم من يمتع بكسوة أَو نَفَقَة وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاء أَعلَى الْمُتْعَة خَادِم وَأَدْنَاهَا كسْوَة يجزىء فِيهَا الصَّلَاة

وَفِي الْجُمْلَة استمتاع الْإِنْس بالجن وَالْجِنّ بالإنس يشبه استمتاع الْإِنْس بالإنس قَالَ تَعَالَى {الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ} وَقَالَ تَعَالَى {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ مُجَاهِد هِيَ المودات الَّتِي كَانَت لغير الله قَالَ الْخَلِيل {إِنَّمَا اتخذتم من دون الله أوثانا مَوَدَّة بَيْنكُم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ثمَّ يَوْم الْقِيَامَة يكفر بَعْضكُم بِبَعْض ويلعن بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ تَعَالَى {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} فالمشرك يعبد مَا يهواه وَاتِّبَاع الْهوى هُوَ استمتاع من صَاحبه بِمَا يهواه وَقد وَقع فِي الْإِنْس وَالْجِنّ هَذَا كُله

<<  <  ج: ص:  >  >>