للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَتارَة يخْدم هَؤُلَاءِ لهَؤُلَاء فِي أغراضهم وَهَؤُلَاء لهَؤُلَاء فِي أغراضهم فالجن تَأتيه بِمَا يُرِيد من صُورَة أَو مَال أَو قتل عدوه وَالْإِنْس تطيع الْجِنّ فَتَارَة يسْجد لَهُ وَتارَة لما يَأْمُرهُ بِالسُّجُود لَهُ وَتارَة يُمكنهُ من نَفسه فيفعل بِهِ الْفَاحِشَة وَكَذَلِكَ الجينات مِنْهُنَّ من يُرِيد من الْإِنْس الَّذِي يخدمنه مَا يُرِيد نسَاء الْإِنْس من الرِّجَال وَهَذَا كثير فِي رجال الْجِنّ وَنِسَائِهِمْ فكثير من رِجَالهمْ ينَال من نسَاء الْإِنْس مَا يَنَالهُ الْإِنْسِي وَقد يفعل ذَلِك بالذكران

وصرع الْجِنّ للإنس هُوَ لأسباب ثَلَاثَة

تَارَة يكون الجني يحب المصروع ليتمتع بِهِ وَهَذَا الصرع يكون أرْفق من غَيره وأسهل

وَتارَة يكون الْإِنْسِي آذاهم إِذا بَال عَلَيْهِم أَو صب عَلَيْهِم مَاء حارا أَو يكون قتل بَعضهم أَو غير ذَلِك من أَنْوَاع الْأَذَى هَذَا أَشد الصرع وَكَثِيرًا مَا يقتلُون المصروع

وَتارَة يكون بطرِيق الْعَبَث بِهِ كَمَا يعبث سُفَهَاء الْإِنْس بأبناء السَّبِيل

وَمن استمتاع الْإِنْس وَالْجِنّ استخدامهم فِي الْإِخْبَار بالأمور الغائبة كَمَا يخبر الْكُهَّان فَإِن فِي الْإِنْس من لَهُ غَرَض فِي هَذَا لما يحصل بِهِ من الرياسة وَالْمَال وَغير ذَلِك فَإِن كَانَ الْقَوْم كفَّارًا كَمَا كَانَت الْعَرَب لم تبال بِأَن يُقَال أَنه كَاهِن كَمَا كَانَ الْعَرَب كهانا وَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وفيهَا كهان وَكَانَ المُنَافِقُونَ يطْلبُونَ التحاكم إِلَى الْكُهَّان وَكَانَ أَبُو ابرق الْأَسْلَمِيّ أحد الْكُهَّان قبل أَن يسلم وَإِن كَانَ الْقَوْم مُسلمين لم يظْهر أَنه كَاهِن بل يَجْعَل ذَلِك من بَاب الكرامات وَهُوَ من جنس الْكُهَّان فَإِنَّهُ لَا يخْدم الْإِنْسِي بِهَذِهِ الْأَخْبَار إِلَّا لما يسْتَمْتع بِهِ من الْإِنْسِي بِأَن يطيعه الْإِنْسِي فِي بعض مَا يُريدهُ إِمَّا فِي شرك وَإِمَّا فِي فَاحِشَة وَإِمَّا فِي أكل حرَام وَإِمَّا فِي قتل بِغَيْر حق فالشياطين لَهُم غَرَض فِيمَا نهى الله عَنهُ من الْكفْر والفسوق والعصيان وَلَهُم لَذَّة فِي الشَّرّ والفتن يحبونَ ذَلِك وَإِن لم يكن فِيهِ مَنْفَعَة لَهُم وهم يقومُونَ بِأَمْر السَّارِق أَن يسرق وَيذْهب إِلَى أهل المَال فَيَقُولُونَ فلَان سرق مَتَاعكُمْ وَلِهَذَا يُقَال الْقُوَّة الملكية والبهيمية والسبعية والشيطانية فَإِن الملكية فِيهَا الْعلم النافع وَالْعَمَل الصَّالح والبهيمية فِيهَا الشَّهَوَات كَالْأَكْلِ وَالشرب والسبعية فِيهَا الْغَضَب وَهُوَ دفع المؤذي وَأما الشيطانة فشر مَحْض لَيْسَ فِيهَا جلب مَنْفَعَة وَلَا دفع مضرَّة

والفلاسفة وَنَحْوهم مِمَّن لَا يعرف الْجِنّ وَالشَّيَاطِين لَا يعْرفُونَ هَذِه وَإِنَّمَا يعْرفُونَ الشَّهْوَة وَالْغَضَب والشهوة وَالْغَضَب خلقا لمصْلحَة وَمَنْفَعَة لَكِن المذموم هُوَ الْعدوان فيهمَا وَأما الشَّيْطَان فيأمر بِالشَّرِّ الَّذِي لَا مَنْفَعَة فِيهِ وَيُحب ذَلِك كَمَا فعل إِبْلِيس بِآدَم لما وسوس لَهُ وكما امْتنع من السُّجُود لَهُ فالحسد يَأْمر بِهِ الشَّيْطَان والحاسد لَا ينْتَفع بِزَوَال النِّعْمَة عَن الْمَحْسُود

<<  <  ج: ص:  >  >>