وبسبب هَاتين البدعتين الحمقاوين ثارت الْفِتَن وعظمت الإحن وَإِن كَانَ كل من أَصْحَاب الْقَوْلَيْنِ قد يفسرونهما بِمَا قد يلتبس على كثير من النَّاس كَمَا فسر من قَالَ إِن الصَّوْت المسموع من العَبْد أَو بعضه قديم وَأَن الْقَدِيم ظهر فِي الْمُحدث من غير حُلُول فِيهِ
وَأما أَفعَال الْعباد فَرَأَيْت بعض الْمُتَأَخِّرين يزْعم أَنَّهَا قديمَة خَيرهَا وشرها وَفسّر ذَلِك بِأَن الشَّرْع قديم وَالْقدر قديم وَهِي مَشْرُوعَة مقدرَة وَلم يفرق بَين الشَّرْع الَّذِي هُوَ كَلَام الله والمشروع الَّذِي هُوَ الْمَأْمُور بِهِ والمنهي عَنهُ وَلم يفرق بَين الْقدر الَّذِي هُوَ علم الله وَكَلَامه وَبَين الْمَقْدُور الَّذِي هُوَ مخلوقاته والعقلاء كلهم يعلمُونَ بالاضطرار أَن الْأَمر وَالْخَبَر نَوْعَانِ للْكَلَام لَفظه وَمَعْنَاهُ لَيْسَ الْأَمر وَالْخَبَر صِفَات لموصوف وَاحِد فَمن جعل الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر صِفَات للْكَلَام لَا أنواعا لَهُ فقد خَالف ضَرُورَة الْعقل وَهَؤُلَاء فِي هَذَا بِمَنْزِلَة من زعم أَن الْوُجُود