للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} فَإِن هَذَا وصف لحاله بِأَنَّهُ فَقير إِلَى مَا أنزل الله إِلَيْهِ من الْخَيْر وَهُوَ مُتَضَمّن لسؤال الله إِنْزَال الْخَيْر إِلَيْهِ

وَقد روى التِّرْمِذِيّ وَغَيره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من شغله قِرَاءَة الْقُرْآن عَن ذكري ومسألتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَرَوَاهُ مَالك بن الْحُوَيْرِث وَقَالَ من شغله ذكري عَن مَسْأَلَتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين وأظن الْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ مَرْفُوعا بِهَذَا اللَّفْظ

وَقد سُئِلَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن قَوْله أفضل الدُّعَاء يَوْم عَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير فَذكر هَذَا الحَدِيث وَأنْشد قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت يمدح ابْن جدعَان

أأذكر حَاجَتي أم قد كفاني

حباؤك إِن شيمتك الحباء ... إِذا أثنى عَلَيْك الْمَرْء يَوْمًا

كَفاهُ من تعرضه الثَّنَاء

قَالَ فَهَذَا مَخْلُوق يُخَاطب مخلوقا فَكيف بالخالق تَعَالَى

وَمن هَذَا الْبَاب الدُّعَاء الْمَأْثُور عَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وَإِلَيْك المشتكى وَأَنت الْمُسْتَعَان وَبِك المستغاث وَعَلَيْك التكلان فَهَذَا خبر يتَضَمَّن السُّؤَال

وَمن هَذَا الْبَاب قَول أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام {أَنِّي مسني الضّر وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ} فوصف نَفسه وَوصف ربه بِوَصْف يتَضَمَّن سُؤال رَحمته بكشف ضره وَهِي صِيغَة خبر تَضَمَّنت السُّؤَال وَهَذَا من بَاب حسن الْأَدَب فِي السُّؤَال وَالدُّعَاء فَقَوْل الْقَائِل لمن يعظمه ويرغب إِلَيْهِ أَنا جَائِع أَنا مَرِيض حسن أدب فِي السُّؤَال وَإِن كَانَ فِي قَوْله أَطْعمنِي وداوني وَنَحْو ذَلِك مِمَّا هُوَ بِصِيغَة الطّلب طلب جازم من المسؤول فَذَاك فِيهِ إِظْهَار حَاله وإخباره على وَجه الذل والافتقار المتضمن لسؤال الْحَال وَهَذَا فِيهِ الرَّغْبَة التَّامَّة وَالسُّؤَال الْمَحْض بِصِيغَة الطّلب

وَهَذِه الصِّيغَة صِيغَة الطّلب والاستدعاء إِذا كَانَت لمن يحْتَاج إِلَيْهِ الطَّالِب أَو مِمَّن يقدر على قهر الْمَطْلُوب مِنْهُ وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهَا تقال على وَجه الْأَمر إِمَّا لما فِي ذَلِك من حَاجَة الطَّالِب وَإِمَّا لما فِيهِ من نفع الْمَطْلُوب فَأَما إِذا كَانَت من الْفَقِير من كل وَجهه للغني من كل وَجه فَإِنَّهَا سُؤال مَحْض بتذلل وافتقار وَإِظْهَار الْحَال

<<  <  ج: ص:  >  >>