للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ أولى وَذَلِكَ أَن هَذَا لَو كَانَ قد قيل مُنْفَردا لم يفد النَّفْي إِلَّا بِمَفْهُوم الْعدَد الَّذِي هُوَ دون مَفْهُوم الصّفة والنزاع فِيهِ مَشْهُور وَإِن كَانَ الْمُخْتَار عندنَا أَن التَّخْصِيص بِالذكر بعد قيام الْمُقْتَضى للْعُمُوم يُفِيد الِاخْتِصَاص بالحكم فَإِن الْعُدُول عَن وجوب التَّعْمِيم إِلَى التَّخْصِيص إِن لم يكن للاختصاص بالحكم وَإِلَّا كَانَ تركا للمقتضى بِلَا معَارض وَذَلِكَ مُمْتَنع فَقَوله إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين قد يكون للتحصيل بِهَذَا الْعدَد فَوَائِد غير الْحصْر وَمِنْهَا ذكر أَن إحصاءها يُورث الْجنَّة فَإِنَّهُ لَو ذكر هَذِه الْجُمْلَة مُنْفَرِدَة وأتبعها بِهَذِهِ مُنْفَرِدَة لَكَانَ حسنا فَكيف وَالْأَصْل فِي الْكَلَام الِاتِّصَال وَعدم الِانْفِصَال فَتكون الْجُمْلَة الشّرطِيَّة صفة لَا ابتدائية فَهَذَا هُوَ الرَّاجِح فِي الْعَرَبيَّة مَعَ مَا ذكر من الدَّلِيل وَلِهَذَا قَالَ

انه وتر يحب الْوتر ومحبته لذَلِك تدل على أَنه مُتَعَلق بالإحصاء أَي يجب أَن يحصي من أَسْمَائِهِ هَذَا الْعدَد وَإِذا كَانَت أَسمَاء الله أَكثر من تِسْعَة وَتِسْعين أمكن أَن يكون إحصاء تِسْعَة وَتِسْعين اسْما يُورث الْجنَّة مُطلقًا على سَبِيل الْبَدَل فَهَذَا يُوَجه قَول هَؤُلَاءِ وَإِن كَانَ كثيرا

وَكثير من النَّاس من يَجْعَلهَا أَسمَاء مُعينَة ثمَّ من هَؤُلَاءِ من يَقُول لَيْسَ إِلَّا تِسْعَة وَتِسْعين اسْما فَقَط وَهُوَ قَول ابْن حزم وَطَائِفَة وَالْأَكْثَرُونَ مِنْهُم يَقُولُونَ وَإِن كَانَت أَسمَاء الله أَكثر لَكِن الْمَوْعُود بِالْجنَّةِ لمن أحصاها هِيَ مُعينَة وَبِكُل حَال فتعيينها لَيْسَ من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاتِّفَاق أهل الْمعرفَة حَدِيثه وَلَكِن رُوِيَ فِي ذَلِك عَن السّلف أَنْوَاع

من ذَلِك مَا ذكره التِّرْمِذِيّ وَمِنْهَا غير ذَلِك فَإِذا عرف هَذَا فَقَوله فِي أَسْمَائِهِ الْحسنى النُّور الْهَادِي لَو نازعه مُنَازع فِي ثُبُوت ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تكن لَهُ حجَّة وَلَكِن جَاءَ ذَلِك فِي أَحَادِيث صِحَاح مثل قَوْله فِي الحَدِيث الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول

اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ الحَدِيث وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي ذَر قَالَ

سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك فَقَالَ نور أَنى أرَاهُ أَو قَالَ رَأَيْت نورا فَالَّذِي فِي الْقُرْآن والْحَدِيث الصَّحِيح إِضَافَة النُّور بقوله {نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} أَو نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ

وَأما قَوْله أَن النُّور كَيْفيَّة قَائِمَة فَنَقُول النُّور الْمَخْلُوق محسوس لَا يحْتَاج إِلَى بَيَان كَيْفيَّة لكنه نَوْعَانِ أَعْيَان وأعراض فالأعيان هُوَ نفس جرم النَّار حَيْثُ كَانَت نور السراج والمصباح

<<  <  ج: ص:  >  >>