للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ص = فِي دُعَاء الطَّائِف

أعوذ بِنور وَجهك الَّذِي أشرقت لَهُ الظُّلُمَات وَصلح عَلَيْهِ أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَن ينزل بِي سخطك أَو يحل عَليّ غضبك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَغَيره وَمِنْه قَول ابْن مَسْعُود إِن ربكُم لَيْسَ عِنْده ليل وَلَا نَهَار نور السَّمَاوَات من نور وَجهه وَمِنْه قَوْله مَا رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَع كَلِمَات فَقَالَ إِن الله لَا ينَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام يخْفض الْقسْط وَيرْفَع إِلَيْهِ عمل اللَّيْل قبل عمل النَّهَار وَعمل النَّهَار قبل عمل اللَّيْل حجابه النُّور لَو كشفه لأحرقت سبحات وَجهه مَا أدْركهُ بَصَره من خلقه فَهَذَا الحَدِيث فِيهِ ذكر حجابه فَإِن تردد الرَّاوِي فِي لفظ النَّار والنور لَا يمْنَع ذَلِك فَإِن مثل هَذِه النَّار الصافية الَّتِي كلم بهَا مُوسَى يُقَال لَهَا نَار وَنور كَمَا سمى الله نَار الْمِصْبَاح نورا بِخِلَاف النَّار الْمظْلمَة كنار جَهَنَّم فَتلك لَا تسمى نورا

فالأقسام ثَلَاثَة إشراق بِلَا إحراق وَهُوَ النُّور الْمَحْض كَالْقَمَرِ وإحراق بِلَا إشراق وَهِي النَّار الْمظْلمَة وَمَا هُوَ نَار وَنور كَالشَّمْسِ ونار المصابيح الَّتِي فِي الدُّنْيَا تُوصَف بالأمرين وَإِذا كَانَ كَذَلِك صَحَّ أَن يكون نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَأَن يُضَاف إِلَيْهِ النُّور وَلَيْسَ الْمُضَاف هُوَ عين الْمُضَاف إِلَيْهِ

وَالطَّرِيق الثَّانِي أَن يُقَال هَذَا يرد عَلَيْكُم لَا يخْتَص بِمن يُسَمِّيه بِمَا سمى بِهِ نَفسه وَبَينه فَأَنت إِذا قلت هاد أَو منور أَو غير ذَلِك فالمسمى نورا هُوَ الرب نَفسه لَيْسَ هُوَ النُّور الْمُضَاف إِلَيْهِ فَإِذا قلت هُوَ الْهَادِي فنوره الْهدى جعلت أحد النورين عينا قَائِمَة وَالْآخر صفة فَهَكَذَا يَقُول من يُسَمِّيه نورا وَإِذا كَانَ السُّؤَال يرد على الْقَوْلَيْنِ والقائلين كَانَ تَخْصِيص أَحدهمَا بِأَنَّهُ مُخَالف ظلما ولددا فِي المحاجة أَو جهلا وضلالا عَن الْحق

واما مَا ذكره من الْأَقْوَال فَلَا ريب أَن للنَّاس فِيهَا من الْأَقْوَال أَكثر مِمَّا ذكره وَالْمَوْجُود بأيدي الْأمة من الرِّوَايَات الصادقة والكاذبة والآراء الْمُصِيبَة والمخطئة لَا يُحْصِيه إِلَّا الله وَالْكَلَام فِي تَفْسِير أَسمَاء الله وَصِفَاته وَكَلَامه فِيهِ من الغث والسمين مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا رب الْعَالمين وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي الْحق وَالْعلم وَالدّين

وَقد كتبت قَدِيما فِي بعض كتبي لبَعض الأكابر أَن الْعلم مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيل والنافع مِنْهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول فالشأن فِي أَن نقُول علما وَهُوَ النَّقْل والصدق والبحث الْمُحَقق فَإِن مَا سوى ذَلِك وَإِن زخرف مثله بعض النَّاس خزف مُزَوق وَإِلَّا فَبَاطِل مُطلق مِثْلَمَا ذكره فِي هَذِه الْآيَة وَغَيرهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>