للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالشرَاب والخدم وَالنَّعِيم وَالْملك الْكَبِير

وَلما كَانَ فِي الصَّبْر من حبس النَّفس والخشونة الَّتِي تلْحق الظَّاهِر وَالْبَاطِن من التَّعَب وَالنّصب والحرارة مَا فِيهِ كَانَ الْجَزَاء عَلَيْهِ بِالْجنَّةِ الَّتِي فِيهَا السعَة وَالْحَرِير الَّذِي فِيهِ اللين والنعومة والاتكاء الَّذِي يتَضَمَّن الرَّاحَة والظلال المنافية للْحرّ

ثمَّ ذكر سُبْحَانَهُ لون ملابس (الابرار) وَإِنَّهَا ثِيَاب سندس خضر واستبرق وحليتهم وَأَنَّهَا أساور من فضَّة فَهَذِهِ زِينَة ظواهرهم ثمَّ ذكر زينه بواطنهم وَهُوَ الشَّرَاب الطّهُور وَهُوَ بِمَعْنى التَّطْهِير

فَإِن قيل فَلم اقْتصر من آنيتهم وحليتهم على الْفضة دون الذَّهَب وَمَعْلُوم ان الْجنان جنتان من فضَّة آنيتهما وحليتهما وَمَا فيهمَا وجنتان من ذهب آنتيهما وحليتهما وَمَا فيهمَا

قيل سِيَاق هَذِه الْآيَات إِنَّمَا هُوَ فِي وصف الْأَبْرَار ونعيمهم مفصلا دون تَفْصِيل جَزَاء المقربين فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا أَشَارَ اليه أشارة تنبه على مَا سكت عَنهُ وَهُوَ أَن شراب الْأَبْرَار يمزج من شرابهم

فالسورة مسوقة بِصفة الْأَبْرَار وجزائهم على التَّفْصِيل وَذَلِكَ وَالله أعلم لأَنهم أَعم من المقربين وَأكْثر مِنْهُم وَلِهَذَا يخبر سُبْحَانَهُ عَنْهُم بِأَنَّهُم ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين وَعَن المقربين السَّابِقين بِأَنَّهُم ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين

وَأَيْضًا فَإِن فِي ذكر جَزَاء الْأَبْرَار تَنْبِيها على أَن جَزَاء المقربين مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذك أهل الْكفْر وَأهل الشُّكْر وَأهل الشُّكْر نَوْعَانِ أبرار أهل يَمِين ومقربون سَابِقُونَ وكل مقرب سَابق فَهُوَ من الابرار وَلَا ينعكس فاسم الابرار والمقربين كاسم الاسلام والايمان أَحدهمَا أَعم من الآخر

وَأَيْضًا فَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ أخبر أَن هَذَا جَزَاء سَعْيهمْ المشكور وكل من الابرار والمقربين سَعْيهمْ مشكور فَذكر سُبْحَانَهُ السَّعْي المشكور وَالسَّعْي المسخوط

<<  <  ج: ص:  >  >>