للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.. من كل مجتنب شَدِيد أسره ... سَلس القياد تخاله مختالا ...

وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا فِيمَا لَهُ شدّ ورباط وَمِنْه الاسار وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ الْأَسير

ثمَّ أخبر سُبْحَانَهُ أَنه قَادر على أَن يُبدل امثالهم بعد مَوْتهمْ وَأَنه شَاءَ ذَلِك فعله واذا للمحقق فَهَذَا التبديل وَاقع لَا محَالة فَهُوَ الاعادة الَّتِي هِيَ مثل الْبدَاءَة

هَذَا هُوَ معنى الْآيَة وَمن قَالَ غير ذَلِك لم يصب مَعْنَاهَا وَلَا توحشك لَفْظَة الْمثل فَإِن الْمعَاد مثل للمبدوء وَإِن كَانَ هُوَ بِعَيْنِه فَهُوَ معاد أَو هُوَ مثله من جِهَة الْمُغَايرَة بَين كَونه مبدءا ومعادا وَهَذَا كَالدَّارِ إِذا تهدمت وأعيدت بِعَينهَا فَهِيَ الأولى وَكَذَلِكَ الصَّلَاة الْمُعَادَة هِيَ الأولى وَهِي مثلهَا

وَقد نطق الْقُرْآن بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يعيدهم وَيُعِيد امثالهم إِذا شَاءَ وَكِلَاهُمَا وَاحِد فَقَالَ {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} سُورَة الْأَعْرَاف ٢٩ وَقَالَ تَعَالَى {وإلينا ترجعون} سُورَة الانبياء ٣٥ وَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ} سُورَة الرّوم ٢٧ وَقَالَ {أَو لَيْسَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِقَادِر على أَن يخلق مثلهم بلَى وَهُوَ الخلاق الْعَلِيم} سُورَة يس ٨١ وَقَالَ {إِنَّا لقادرون} {على أَن نبدل أمثالكم وننشئكم فِي مَا لَا تعلمُونَ وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ} سُورَة الْوَاقِعَة ٦١ ٦٣

فَهَذَا كُله معاد الْأَبدَان وَقد صرح سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ خلق جَدِيد فِي موضِعين من كِتَابه وَهَذَا الْخلق الْجَدِيد هُوَ الْمثل

ثمَّ ختم سُبْحَانَهُ السُّورَة بِالشَّرْعِ وَالْقدر كَمَا افتتحها بالخلق وَالْهِدَايَة فَقَالَ {فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه سَبِيلا} الْآيَة ٢٩ فَهَذَا شَرعه وَمحل أمره وَنَهْيه ثمَّ قَالَ {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} الْآيَة ٣٠ فَهَذَا قَضَاؤُهُ وَقدره ثمَّ ذكر الاسمين الموجبين

<<  <  ج: ص:  >  >>