للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذكر هَذَا الْمَعْنى بِحرف الاستعلاء وَهُوَ من محَاسِن الْقُرْآن الَّذِي لَا تَنْقَضِي عجائبه وَلَا يشْبع مِنْهُ الْعلمَاء

فَإِن الْخلق كلهم مصيرهم ومرجعهم إِلَى الله على أَي طَرِيق سلكوا كَمَا قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الْإِنْسَان إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحا فملاقيه} الانشقاق ٨٤ ٦ وَقَالَ {وَإِلَى الله الْمصير} آل عمرَان ٣ ٢٨ النُّور ٢٤ ٤٢ فاطر ٣٥ ١٨ {إِن إِلَيْنَا إيابهم} الغاشية ٨٨ ٢٥ أَي الينا مرجعهم وَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ وَيعلم مَا جرحتم بِالنَّهَارِ ثمَّ يبعثكم فِيهِ ليقضى أجل مُسَمّى ثمَّ إِلَيْهِ مرجعكم ثمَّ ينبئكم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَهُوَ القاهر فَوق عباده وَيُرْسل عَلَيْكُم حفظَة حَتَّى إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون ثمَّ ردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق} الانعام ٦ ٦٠ ٦٢ وَقَالَ {أم لم ينبأ بِمَا فِي صحف مُوسَى وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} النَّجْم ٥٣ ٣٦ ٤٢ وَقَالَ {وَإِمَّا نرينك بعض الَّذِي نعدهم أَو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثمَّ الله شَهِيد على مَا يَفْعَلُونَ} يُونُس ١٠ ٤٦ فَأَي سَبِيل سلكها العَبْد فالى الله مرجعه ومنتهاه لَا بُد لَهُ من لِقَاء الله {ليجزي الَّذين أساؤوا بِمَا عمِلُوا وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا بِالْحُسْنَى} النَّجْم ٥٣ ٣١

وَتلك الْآيَات قصد بهَا أَن سَبِيل الْحق وَالْهدى وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم هُوَ الَّذِي يسْعد أَصْحَابه وينالون بِهِ ولَايَة الله وَرَحمته وكرامته فَيكون الله وليهم دون الشَّيْطَان وَهَذِه سَبِيل من عبد الله وَحده وأطاع رسله فَلهَذَا قَالَ {إِن علينا للهدى} {وعَلى الله قصد السَّبِيل} {قَالَ هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم} فالهدى وَقصد السَّبِيل والصراط الْمُسْتَقيم إِنَّمَا يدل على عِبَادَته وطاعته يدل على مَعْصِيَته وَطَاعَة الشَّيْطَان

فَالْكَلَام تضمن معنى الدّلَالَة إِذْ لَيْسَ المُرَاد ذكر الْجَزَاء فِي الْآخِرَة فَإِن الْجَزَاء يعم الْخلق كلهم بل الْمَقْصُود بَيَان مَا أَمر الله بِهِ من عِبَادَته وطاعته وَطَاعَة رسله مَا الَّذِي يدل على ذَلِك فَكَأَنَّهُ قيل الصِّرَاط الْمُسْتَقيم يدل على الله على عِبَادَته وطاعته

وَذَلِكَ يبين أَن من لُغَة الْعَرَب أَنهم يَقُولُونَ هَذِه الطَّرِيق على فلَان إِذا كَانَت تدل

<<  <  ج: ص:  >  >>